وقال آخر :[الكامل] ٥١٦٦ - والزَّعْفرَانُ على تَرائِبهَا
شَرِقٌ بِهِ اللَّبَّاتُ والنَّحرُ
٢٦٣
وقال المثقب العبديُّ :[الوافر] ٥١٦٧ - ومنْ ذَهَبٍ يَلوحُ عَلى تَريبٍ
كَلوْنِ العَاجِ لَيْسَ لَهُ غُصُونُ
وقال الشاعر :[الرجز]
٥١٦٨ - أشْرَفَ ثَدْيَاهَا على التَّريبِ
وعن ابن عباسٍ وعكرمة : الترائب : ما بين ثدييها.
وقيل : التَّرائب : التراقي.
وقيل : أضلاع الرجل التي أسفل الصلب.
وحكى الزجاجُ : أن الترائب أربعة أضلاع من يكنة الصدر، وأربعة أضلاع من يسرة الصدر.
وعن ابن عبَّاسٍ : أطراف المرء، يداه ورجلاه وعيناه، وهو قول الضحاك.
وقيل : عصارة القلب، وهو قول معمر بن أبي حبيبة.
قال ابنُ عطية : وفي هذه الأقوال تحكم على اللغة.
وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ : هو الجيد.
وقال مجاهد : ما بين المنكبين والصدر.
وقال القرطبيُّ : والمشهور من كلام العرب أنها عظام الصَّدْر والنَّحْر.
جاء في الحديث : أن الولد يخلقُ من ماء الرجل، يخرج من صلبه العظم والعصب، وماء المرأة التي يخرج من ترائبها اللحم والدم.
حكى القرطبيُّ : أنَّ ماء الرجل يخرج من الدِّماغ، ثم يجتمع في الأنثيين، وهذا لا يعارض :" مِنْ بَيْنِ الصُّلبِ والتَّرائبِ " ؛ لأنه إن نزل من الدِّماغ، فإنما يمرُّ بين الصلب والترائب.
قال قتادةُ : المعنى : يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة.
٢٦٤
وحكى الفراء : أنَّ مثل هذا يأتي عن العرب، فيكون معنى ما بين الصلب : من الصلب.
والمعنى من صلب الرجل وترائب المرأة، ثم إنَّا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن، ولذلك يشبه الرجل والديه كثيراً، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني، وأيضاً فالمكثر من الجماع يجد وجعاً في صلبه وظهره، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبساً من الماء.
قال المهدويُّ : من جعل المنيَّ يخرج من بين صلب الرجل وترائبه، فالضمير في " يخرج " للماء، ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة، فالضمير للإنسان.
قوله :﴿إِنَّهُ﴾.
الضمير للخالق المدلول عليه بقوله تعالى :﴿خُلِقَ﴾ ؛ لأنه معلوم أن لا خالق سواه سبحانه.
قوله :﴿عَلَى رَجْعِهِ﴾، في الهاء وجهان : أحدهما : أنه ضمير الإنسان أي على بعثه بعد موته، وهو قول ابن عباس وقتادة والحسن وعكرمة، وهو اختيار الطبري، لقوله تعالى :﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِر﴾.
والثاني : أنه ضمير الماء، أي : يرجع المنيّ في الإحْليل أو الصلب.
قاله الضحاكُ ومجاهدٌ، والأول قول الضحاك أيضاً وعكرمة.
[وعن الضحاك أيضاً أن المعنى أنه رد الإنسان من الكِبَرِ إلى الشباب، ومن الشباب إإلى الكبر.
حكاه المهدوي.
وفي الماوردي والثعلبي : إلى الصِّبا ومن الصِّبا إلى النُّطفة.
وقال ابن زيد : إنه على حبس ذلك الماء حتى يخرج لقادر.
وقال الماوردي : يحتمل أنه على أن يعيده إلى الدنيا بعثه إلى الآخرة ؛ لأن الكفار يسألون فيها الرجعة، والرجع مصدر رجعت الشيء أي : رددته].
٢٦٥
قوله :﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِر﴾.
فيه أوجه، وقد رتبها أبو البقاءِ على الخلاف في الضمير، فقال : على القول بكون الضمير للإنسان، فيه أوجه : أحدها : أنه معمول لـ " قادر ".
إلاَّ أنَّ ابن عطية قال - بعد أن حكى أوجهاً عن النحاة - :" وكل هذه الفرق فرَّت من أن يكون العامل " لقادر "، لئلاَّ يظهر من ذلك تخصيص القدرة في ذلك اليوم وحدهُ ".
ثم قال :" وإذا تؤمل المعنى وما يقتضيه فصيح كلام العرب جاز أن يكون العامل " لقادر "، وذلك أنه قال :" إنَّه على رجعهِ لقادرٌ " ؛ لأنه إذا قدر على ذلك في هذا الوقت كان في غيره أقدر بطريق الأولى.
الثاني : أن يكون العامل مضمر على التبيين، أي : يرجعه يوم تبلى.
الثالث : تقديره : اذكر، فيكون مفعولاً به، وعلى عوده على الماء يكون العامل فيه : اذكر " انتهى مخلصاً.
وجوَّز بعضهم أن يكون العامل فيه " نَاصِرٍ "، وهو فاسدٌ ؛ لأن ما بعد " ما " النافية وما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلهما.
وقيل : العامل " رَجْعِهِ " وهو فاسدٌ ؛ لأنه قد فصل بين المصدر ومعموله بأجنبي، وهو خر " إنَّ ".
وبعضهم يقتصره في الظرف.
قوله :" تُبلَى " تختبر وتعرف ؛ قال الراجز :[الرجز] ٥١٦٩ - قَدْ كُنْتَ قَبْلَ اليَوْم تَزْدَرينِي
فاليَومَ أبْلُوكَ وتَبْتَلِينِي
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٢٦٢


الصفحة التالية
Icon