بشمائلهم قاله محمد بن كعب، وقال يحيى بن سلام : لأنهم مشائيم على أنفسهم.
وقال ابن زيد : لأنهم أخذوا من شق آدم الأيسر.
وقال ميمون : لأن منزلتهم على اليسار.
قال القرطبي : ويجمع هذه الأقوال أن يقال : إن أصحاب الميمنة أصحاب الجنة، وأصحاب المشئمة أصحاب النار.
قوله :﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا﴾، قرأ أبو عمروٍ وحمزةُ وحفصٌ : بالهمزة.
والباقون : بلا همز.
فالقراءة الأولى : من " آصَدتُ الباب " أي : أغلقته، أوصده، فهو مؤصد، قيل : ويحتمل أن يكون من " أوْصدْتُ "، ولكنه همز الواو السَّاكنة لضمة ما قبلها، كما همز ﴿بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ﴾ [ص : ٣٣].
والقراءة الثانية - أيضاً - تحتمل المادتين، ويكون قد خفف الهمزة، لسكونها بعد ضمة.
وقد نقل الفرَّاء عن السوسي الذي قاعدته إبدال مثل هذه الهمزة، أنه لا يبدل هذه، وعللوا ذلك بالإلباس وأيقن أنه قرأ :" مؤصدة " بالواو من قاعدته تخفيف الهمزة.
والظاهر أن القراءتين من مادتين : الأولى من " آصَدَ " يُوصِدُ " كـ " أكرم يكرم "، والثانية من " أوْصَدَ، يُوصِدُ " مثل " أوصل يوصل ".
وقال الشاعر :[الطويل] ٥٢١٧ - تَحِنُّ إلى أجْيَالِ مكَّةَ نَاقتِي
ومِنْ دُونهَا أبْوابُ صَنعاءُ مُؤصَدَة
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٣٤٦
أي : مغلقة ؛ وقال آخر :[الكامل] ٥٢١٨ - قَوْمٌ يُعَالِجُ قُمَّلاً أبْناؤُهُمْ
وسَلاسِلاً حِلقاً وبَاباً مُؤصدا
وكان أبو بكر الراوي عاصم يكره الهمز في هذا الحرف، وقال : لنا إمام يهمز :" مؤصدة "، فأشتهي أن أسد أذني إذا سمعته.
قال شهابُ الدِّين : وكأنه لم يحفظ عن شيخه إلا ترك الهمزة مع حفظ حفص
٣٥٢
إياه عنه، وهو أضبط لحرفه من أبي بكر، على ما نقله الفراء، وإن كان أبو بكر أكبر وأتقن، وأوثق عند أهل الحديث.
وقال القرطبيُّ : وأهل اللغة يقولون : أوصدت الباب وآصدته، أي : أغلقته، فمن قال : اوصدت، فالاسم : الوصاد.
ومن قال : آصدته، فالاسم : الإصاد.
قال الفراء : ويقال من هذا " الأصيد "، وهو الباب المطبق، ومعنى " مؤصدة " أي : مغلقة ".
قوله تعالى :﴿عَلَيْهِمْ نَارٌ﴾، يجوز أن تكون جملة مستأنفة، وأن تكون خبراً ثانياً، وأن يكون الخبر وحده :" عَلَيْهِمْ "، و " نارٌ " : فاصل به، وهو الأحسن.
وقيل : معنى " عليهم نار "، أي : أحاطت النَّار بهم، كقوله تعالى :﴿أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف : ٢٩].
والله أعلم.
روى الثَّعلبيُّ عن أبيِّ - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله ﷺ :" مَنْ قَرَأَ ﴿لاَ أُقْسِمُ بِهَاذَا الْبَلَدِ﴾ أعْطَاهُ اللهُ الأمْنَ مِنْ غَضبهِ يَوْمَ القِيامَةِ ".
٣٥٣
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٣٤٦