بجر " الراهب " على توهم النطق بالمصدر، أي : كطوف الراهب انتهى.
٣٦٩
والذي يظهر في تخريج البيت أن أصله : الراهبي - بباء النسب - ثم خفف، وهو قليل، كقولهم : أحمري، وداودي، وهذا التخريج بعينه في قول امرئ القيس :[الطويل] ٥٢٢٥ - ……….............................
فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحسهُ مُتغيَّبِ
لما استشهد به الكوفيون على تقديم الفاعل.
وروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ :﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى الذَّكَرَ وَالأُنثَى ﴾ ويسقط ﴿وَمَا خَلَقَ﴾.
وفي صحيح مسلم عن علقمة، قال : قدمنا " الشام "، فأتانا أبو الدرداء، فقال : فيكم أحد يقرأ عليّ قراءة عبد الله ؟ فقلت : نعم، أنا، قال : فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية :﴿وَالْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ ؟ قال : سمعته يقرأ " والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى، والذكر والأنثى " قال.
وأنا والله هكذا سمعت رسول الله ﷺ يقرؤها، ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ " ومَا خَلَقَ " فلا أتابعهم.
وقال ابن الأنباري :" حدثنا محمد بن يحيى المروزي بسنده إلى عبد الله، قال : أقرأني رسول الله ﷺ :" إنِّي أنَا الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المتينُ ".
قال ابن الأنباري : كل من هذين الحديثين مردود بخلاف الإجماع له، وإن حمزة وعاصماً يرويان عن عبد الله بن مسعود فيما عليه جماعة من المسلمين، وموافقة الإجماع أولى من الأخذ بقول واحد يخالفه الإجماع.
فصل في المراد بالذكر والأنثى قيل المراد بالذكر والأنثى، آدم وحواء - عليهما الصلاة والسلام - قاله ابن عباس والحسن والكلبي.
وقيل : جميع الذكور والإناث من جميع الحيوانات.
٣٧٠
وقيل : كل ذكر وأنثى من الآدميين فقط لاختصاصهم بولاية الله تعالى وطاعته.
فصل في معنى الآية وقوله :﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾.
هذا جواب القسم، والمعنى : إن أعمالكم لتختلف، [ويجوز أن يكون محذوفاً كما قيل في نظائره المتقدمة، وشتى واحدةُ شتت مثل مريض ومرضى، وإنما قيل للمختلف : شتَّى، لتباعد ما بين بعضه وبعضه، أي عن أعمالكم النتباعدة بعضه عن بعض لشتى، لأن بعضه ضلالة وبعضه هدى، أي : فمنكم مؤمن، وبر، وكافر، وفاجر، ومطيع، وعاص.
وقيل : لشتَّى أي : لمختلف الجزاء فمنكم مثاب بالجنة ومعاقب بالنار وقيل لمختلف الأخلاق، فمنكم راحم وقاسي وحليم وطائش وجواد وبخيل] قال المفسرون : نزلت هذه الآية في أبي بكر - رضي الله عنه - وأبي سفيان.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٣٦٨
قوله :﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى ﴾.
قال ابن مسعود - رضي الله عنه - يعني أبا بكر، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى :﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى ﴾ أي : بذل واتقى محارم الله التي نهي عنها ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾ أي : بالخلف من الله تعالى على عطائه ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾.
قال رسول الله ﷺ :" مَا مِنْ يَومٍ غَربت شَمْسهُ إلا بُعِثَ بجَنْبتها مَلكانِ يُنَاديانِ يَسْمَعُهمَا خلقُ اللهِ كُلُّهم إلاَّ الثَّقليْنِ : اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقاً خَلفاً، وأعْطِ مُمْسِكاً تَلفاً ".
وأنزل الله تعالى :﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾...
الآيات.
فصل حذف مفعول " أعطى " ومفعول " اتقى "، ومفعول " صدّق " المجرور بـ " على "، لأن الغرض ذكرُ هذه الأحداث دون متعلقاتها، وكذلك متعلقات البخل والاستغناء، وقوله تعالى :﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ إما من باب المقابلة لقوله ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ وإما نيسرهُ : بمعنى نهيئه، والتهيئة تكون في العسر واليسر.
٣٧١


الصفحة التالية
Icon