سورة العصر
مكية، وروى ابن عباس وقتادة : أنها مدنية، وهي ثلاث آيات.
[وأربع عشرة كلمة وستون حرفا].
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٤٨٢
قوله تعالى :﴿وَالْعَصْرِ﴾.
قرأ العامة : بسكون الصاد، وسلام :" والعَصِر " بكسرها، و " الصَّبْرِ " بكسر الباء.
قال ابن عطية :" وهذا لا يجوز، إلا في الوقف على نقل الحركة ".
وروي عن أبي عمرو :" بالصبْر " بسكون الباء إشماماً، وهذا أيضاً لا يجوز إلا في الوقف انتهى.
ونقل هذه القراءة جماعة كالهذلي، وأبي الفضل الرازي، وابن خالويه.
قال الهذلي :" والعصر، والصبر، والفجر، والوتر، بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها : هارون، وابن موسى عن أبي عمرو، والباقون : بالإسكان، كالجماعة " انتهى.
فهذا إطلاق منه لهذه القراءة في حالتي الوقف والوصل.
قال ابن خالويه :" وتواصوا بالصبر " بنقل الحركة عن أبي عمرو.
قال ابن خالويه [وقال صاحب " اللوامح " : وعيسى البصرة :] " بالصبر " بنقل حركة الراء إلى الباء، لئلا يحتاج، أن يأتي ببعض الحركة في الوقف، ولا إلى أن يسكن،
٤٨٣
فيجمع بين ساكنين، وذلك لغة شائعة، وليست بشاذة بل مستفيضة، وذلك دلالة على الإعراب، وانفصال عن التقاء الساكنين، وتأدية حق الموقوف عليه من السكون انتهى، فهذا يؤذن بما ذكر ابن عطية، أنه كان ينبغي ذلك.
وأنشدوا على ذلك :[الرجز]
٥٢٩٦ - واعْتقَالاً بالرِّجِلْ
يريد : بالرِّجْلِ.
وقال آخر :[الرجز] ٥٢٩٧ - أنَا جَريرٌ كُنيَتِي أبُو عَمِرْ
أضْرِبُ بالسَّيْفِ وسعْدٌ بالقَصِرْ
والنقل جائز في الضم كقوله شعر : إذ جد النَّقُرْ وله شروط :" والعقد " الليلة واليوم قال :[الطويل] ٥٢٩٨ - ولَنْ يَلْبثِ العقْدانِ : يَومٌ ولَيْلةٌ
إذَا طَلَبَا أنْ يُدْرِكَا تَيَمَّمَا
قال ابن عباس وغيره :" والعصر " أي : الدهر، ومنه قول الشاعر :[الطويل] ٥٢٩٩ - سَيْلُ الهَوَى وعْرٌ وبَحْرُ الهَوَى غَمْرٌ
ويَوْمُ الهَوَى شَهْرٌ وشَهْرُ الهَوَى دَهْرُ
أقسم الله - تعالى - بالعصرِ لما فيه من الاعتبار للناظر بتصرف الأحوال وبتبدلها وما فيها من الأدلة على الصانع، والعصران أيضاً الغداة والعشي قال :[الطويل] ٥٣٠٠ - وأمْطُلُهُ العَصْرَيْن حتَّى يَملَّنِي
ويَرْضَى بنِصْفِ الدِّيْن والأنْفُ رَاغِمُ
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٤٨٣
يقول : إذا جاءني أول النهار وعدته آخره.
٤٨٤
وقيل : إنه العشي، وهو ما بين الزوال والغروب.
قاله الحسن وقتادة.
[وقال الشاعر] : ٥٣٠١ - تَروَّحْ بِنَا يا عَمْرُو قَدْ قَصُرَ العَصرُ
وفي الرَّوحةِ الأولَى الغَنِيمةُ والجْرُ
وعن قتادة : هو آخر ساعة من النهار، فأقسم سبحانه بأحد طرفي النهار كما أقسم بالضحى، وهو أحد طرفي النَّهارِ، قاله أبو مسلم.
وقيل : هو قسم بصلاة العصر، وهي الوسطى ؛ لأنها أفضل الصلوات، قاله مقاتل.
قال ﷺ :" الصَّلاةُ الوُسْطَى، صلاةُ العَصْرِ ".
وقيل : أقسم بعصر النبي ﷺ لفضله بتجديد النبوة فيه.
وقيل : معناه وربِّ العصر.
فصل قال مالك - رضي الله عنه - من حلف ألاَّ يكلم رجلاً عصراً، لم يكلمه سنة.
قال ابن العربي :[إنما حمل مالك يمين الحالف ألا يكلم امرءاً عصراً علىالسنة، لأنه أكثر ما قيل فيه، وذلك على أصله في تغليظ] المعنى في الإيمان.
وقال الشافعي : يبر بساعة إلا أن تكون له نيّة، وبه أقول، إلا أن يكون الحالف عربياً، فيقال له : ما أردت ؟ فإذا فسره بما يحتمله قبل منه إلا أن يكون الأقل، ويجيء على مذهب مالك أن يحمل على ما يفسر.
قوله :﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ﴾، هذا جواب القسم، والمراد به العموم بدليل الاستثناء منه، وهو من جملة أدلة العموم.
وقال ابن عباس في رواية ابي صالح : المراد به الكافر.
وقال في رواية الضحاك : يريد جماعة من المشركين الوليد بن المغيرة والعاص ابن وائل والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى والأسود بن عبد يغوث.
وقوله تعالى :﴿لَفِى خُسْرٍ﴾ أي : لفي غبنٍ.
وقال الأخفش : لفي هلكة.
وقال الفراء : لفي عقوبة، ومنه قوله :﴿وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً﴾ [الطلاق : ٩]، وقال الفراء : لفي شرّ.
٤٨٥٨