وهي قراءة الحسن.
 قال النَّحَّاس : وهي لغة " تميم "،  وبعض " بني ربيعة "،  فيحتمل أن تكون " صاعقة " مقلوبة من " صَاعِقة " ويحتمل ألاّ تكون،  وهو الأظهر لثبوتها لغةً مستقلةً كما تقدم.
 ويقال :" صقعة " أيضاً،  وقد قرأ بها الكسَائي في " الذاريات ".
 يقال : صُعِقَ زيد،  وأصعقه غيره قال :[الطويل] ٢٥١ - تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِهِ
أُحَادَ وَمَثْنَى أصعَقَتْهَا صَوَاهِلُهْ
وقيل :" الصّاعقة " [قصف رعد ينقض منها شعلة] من نارٍ لطيفة قوية لا تمرُّ بشيء إلاّ أتت عليه إلاّ أنها مع قوتها سريعة الخمود.
 وقيل : الصاعقة : قطعة عذاب ينزلها الله على من يَشَاءُ،  وروي عن سالم بن عبد الله ابن عمر عن أبيه أن رسول الله ﷺ كان إذا سمع صوت الرَّعْدِ والصواعق قال :" اللَّهُمّ لا تقتلنا بغضبك ولا تُهْلكنا بِعَذَابِكَ وَعَافِنَا قبل ذَلِكَ ".
 قوله :﴿حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ أي : مَخَافَةَ الهلاك،  وفيه وجهان : أظهرهما : أنه مفعول من أجله ناصبه " يجعلون "،  ولا يضر تعدّد المفعول من أجله ؛ لأن الفعل يعلّل بعلل.
٣٩٢
الثاني : أنه منصوب على المصدر وعامله محذوف تقديره يحذرون حذراً مثل حَذَرِ الموت.
 و " الحَذَرُ " و " الحِذَار " مصدران لـ " حذر " أي : خاف خوفاً شديداً.
 واعلم أن المفعول من أجله بالنسبة إلى نصبه وجره بالحرف على ثلاثة أقسام : قسم يكثر نصبه،  وهو ما كان غير معرف بـ " أل " ولا مضاف نحو :" جئت إكراماً لك ".
 وقسم عكسه،  وهو ما كان معرَّفاً بـ " أل " ؛ ومن مجيئه منصوباً قول الشاعر :[الرجز] ٢٥٢ - لا أَقْعُدُ الجُبْنَ عَنِ الهَيْجَاءِ
ولَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ
وقسم يستوي فيه الأمران،  وهو المضاف كالآية الكريمة،  ويكون معرفةً ونكرةً،  وقد جمع حاتم الطائي الأمرين في قوله :[الطويل] ٢٥٣ - وَأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الكَرِيمِ ادِّخَارَهُ
وأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيمِ تَكَرُّمَا
و " حَذَرَ المَوْتِ " مصدر مضاف إلى المفعول،  وفاعله محذوف،  وهو أحد المواضع التي يجوز فيها حذف الفاعل وحده.
 والثاني : فعل ما لم يسم فاعله.
 والثالث : فاعل " أفعل " في التعجُّب على الصحيح،  وما عدا هذه لا يجوز فيه حذف الفاعل وحده خلافاً للكوفيين.
 والموت : ضد الحياة ؛ يقال : مَاتَ يَمُوتُ ويَمَاتُ ؛ قال الشاعر :[الرجز] ٢٥٤ - بُنَيَّتي سَيِّدَةَ البَنَاتِ
عِيشِي وَلاَ يُؤْمَنُ أَنْ تَمَاتِي
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٨٤
وعلى هذه اللّغة قرئ " مِتْنا " و " مِتُّ " - بكسر الميم - كـ " خِفْنَا " و " خَفْتُ "،  فوزن " مَاتَ " على اللغة الأولى " فَعَلَ " بفتح العين،  وعلى الثانية " فَعِلَ " بكسرها،  و " المُوَات " : بالضمِّ المَوْت أيضاً،  وبالفتح : ما لا روح فيه،  والمَوْتَان بالتحريك ضد
٣٩٣
الحيوان ؛ ومنه قولهم :" اشْتَرِ المَوْتَانَ،  ولا تَشْتَرِ الرَّقيق،  فإنه في مَعْرَضِ الهَلاَك ؛ و " المَوْتَان " بضمّ " الميم " : وقوع الموت في الماشية،  ومُوِّتَ فلانٌ بالتشديد للمبالغة ؛ قال :[الوافر] ٢٥٥ - فَعُرْوَةُ مَاتَ مَوْتاً مُسْتَرِيحاً
فَهَا أَنَا ذَا أُمَوَّتُ كُلَّ يَوْمِ
و " المُسْتَمِيت " : الأمر المُسْتَرْسِل ؛ قال رؤْبَة :[الرجز] ٢٥٦ - وَزَبَدُ البَحْرِ لَهُ كَتِيتُ
وَاللَّيْلُ فَوْقَ المَاءِ مُسْتَمِيتُ
قوله :﴿واللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ﴾ [البقرة : ١٩].
 وهو مجاز أي : لا يفوتونه.
 فقيل : عالم بهم،  كما قال :﴿أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَا﴾ [الطلاق : ١٢].
 وقيل : جامعهم وقدرته مُسْتولية عليهم ؛ كما قال :﴿وَاللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ﴾ [البروج : ٢٠].
 وقال مجاهد : يجمعهم فيعذبهم ".
 وقيل : يهلكهم،  قال تعالى :﴿إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ [يوسف : ٦٦] أي : تَهْلِكُوُا جميعاً.
 وقيل :" ثَمَّ " مضافٌ محذوفٌ،  أي : عقابه محيطٌ بهم.
 وقال أبو عَمْرو،  والكسَائِيُّ :" الكَافِرِينَ " [بالإمالة] ولا يميلان ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة : ٤١]،  وهذه الجملة مبتدأ وخبر.
 وأصل " مُحِيط " :" مُحْوِط " ؛ لأنه من حَاطَ يَحُوطُ فأُعِلّ كإِعْلاَلِ " نَسْتِعِين ".
 والإحاطةُ : حصر الشيء من جميع جهاته،  وهذه الجملة قال الزمخشريُّ :" هي اعتراض لا مَحَل لها من الإعراب " كأنه يعني بذلك أن جملة قوله :﴿يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ﴾،  وجملة قوله :﴿يَكَادُ الْبَرْقُ﴾ شيءٌ واحد ؛ لأنهما من قصّة واحدة ؛ فوقع ما بينهما اعتراضاً.
 " يَكَادُ " مضارع " كَادَ "،  وهي للِمُقَارَبَةِ الفعل،  تعمل عمل " كان " إلاَّ أن خبرها لا يكون إلاَّ مُضَارعاً،  وشذَّ مجيئُهُ اسماً صريحاً ؛ قال :[الطويل]
٣٩٤
٢٥٧ - فَأُبْتُ إلّى فَهْمٍ وَمَا كِدْتُ آيباً
وَكَمْ مِثْلِهَا فَارَقْتُهَا وَهِيَ تَصْفِرُ
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٨٤
والأكثر في خبرها تجرّده من " أن "،  عكس " عسى "،  وقد شذّ اقترانه بها ؛ قال رُؤْبَة :[الرجز]