قال :" معناه معنى " كلما ".
قوله :" قَامُوا " أي وقفوا أو ثبتوا في مكانهم، ومنهن " قامت السوق ".
قوله :﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾.
" لو " حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، هذه عبارة سيبويه وهي أولى من عبارة غيره، وهي حرف امتناع لامتناع لصحة العبارة الأولى في نحو قوله تعالى :﴿لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي﴾ [الكهف : ١٠٩].
وفي قوله عليه السلام :" نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْب، لو لم يَخفِ الله لم يَعْصِهِ " وعدم
٤٠٠
صحّة الثانية في ذلك كما سيأتي محرراً، ولفساد قولهم :" لو كان إنساناً لكان حيواناً " ؛ إذْ لا يلزمُ من امتناع الإِنسَانِ امتناعُ الحيوان، ولا يجزم بها خلافاً لقَوْم، فأما قوله :[الرمل] ٢٦٧ - لو يَشَأْ طَارَ بِهِ ذُو مَيْعَةٍ
لاَحِقُ الآطَالِ نَهْدٌ ذُو خُصَلْ
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٨٤
وقول الآخر :[البسيط] ٢٦٨ - تَامَتْ فُؤَادَكَ لَوْ يَحْزُنْكَ مَا صَنَعَتْ
إِحْدىَ نِسَاءِ بَنِي ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَا
فمن تسكين المتحرك ضرورةً.
وأكثر ما تكون شرطاً في الماضي، وقد تأتي بمعنى " إِن " ؛ كقوله تعالى :﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ﴾ [النساء : ٩] وقوله :[الطويل] ٢٦٩ - وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأخْيَليَّةَ سَلَّمَتْ
عَلَيّ ودُوني جَنْدَلٌ وَصَفَائِحُ
[لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ البَشَاشَةِ أَوْ زَقَا
إِلَيْهَا صَدًى مِنْ جَانِبِ القَبْرِ صَائِحُ]
ولا تكون مصدريةً على للصحيح، وقد تُشَرَّب معنى التمني، فتنصب المضارع بعد " الفاء " جواباً لها ؛ نحو :﴿فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ﴾ [الشعراء : ١٠٢] وسيأتي تحريره إن شاء الله تعالى.
قال ابن الخطيب : المشهور أن " لو " تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، ومنهم من أنكر ذلك، وزعم أنها لا تفيد إلا الرَّبط، واحتج عليه بالآية والخبر : أما الآية فقوله تعالى :﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ﴾ [الأنفال : ٢٣]، فلو أفادت كلمة " لو " انتفاء الشَّيء لانتفاء غيره لزم التَّنَاقض ؛ لأن قوله :﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ﴾ [الأنفال : ٢٣]، يقتضي أنه ما علم فيهم خيراً وما أسمعهم، وقوله :﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ﴾ [الأنفال : ٢٣]، يقيد أنه ما أسمعهم، ولا تولوا ؛ لكن عدم
٤٠١
التولي خير، فيلزم أن يكون قد علم فيهم خيراً، وما علم فيهم خيراً.
وأما الخبر فقوله عليه الصلاة والسلام :" نعم الرَّجُلُ صُهَيْبٌ لو لم يَخَفِ اللهَ لم يَعْصِهِ " فعلى مقتضى قولهم : يلزم أنه خاف الله وعصاه، وذلك متناقض، فعلمنا أن كلمة " لو " إنما تفيد الربط.
و " شاء " أصله :" شيء " على " فعِل " بكسر العين، وإنما قلبت " الياء " " ألفاً " للقاعدة الممهدة ومفعوله محذوف تقديره ولو شاء الله إذهاباً ؛ وكثر حف مفعوله ومفعول " أراد "، حتى لا يكاد ينطق به إلا في الشيء المستغرب ؛ كقوله تعالى :﴿لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ [الزمر : ٤] ؛ وأنشدوا :[الطويل] ٢٧٠ - وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِي دَماً لَبَكَيْتُهُ
عَلِيْهِ وَلَكِنْ سَاحَةُ الصَّبْرِ أَوْسَعُ
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٨٤
واللام في " لذهب " جواب " لو ".
واعلم أن جوابها يكثر دخول " اللا " عليه مثبتاً، وقد تحذف ؛ قال تعالى :﴿لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً﴾ [الواقعة : ٧٠].
ويقلّ دخولها عليه منفياً بـ " مَا "، ويمتنع دخولها عليه منفياً بغير " مَا " ؛ نحو :" لو قمت لَمْ أَقُمْ " ؛ لتوالي لامين فيثقل، وقد يحذف ؛ كقوله :[الكامل] ٢٧١ - لا يُلْفِكَ الرَّاجُوكَ إِلاَّ مُظْهِراً
خُلُقَ الكِرَامِ وَلَوْ تكُونُ عَدِيمَا
و " بسمعهم " كتعلّق بـ " ذهب ".
وقؤئ :" لأَذْهَبَ " فتكون " الياء " زائدة أو تمون فَعَل وأَفْعَل بمعنى، ونحوه ﴿تَنبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ [المؤمنون : ٢٠] والمراد من السمع : السماع، أي : لذهب بأسماعهم وأبصارهم الظاهرة
٤٠٢


الصفحة التالية
Icon