وروى أنس - أيضاً - عنه أن القنطار ألف دينار.
وروى سعيد بن المسيب وقتادة : ثمانون ألفاً.
وقال مجاهدٌ : سبعون ألفاً.
وقال السُّدِّيُّ : أربعة آلاف مثقالٍ.
وقال الكلبيُّ أبو نضرة : القنطار - بلسان الروم - ملء مسك الثور من ذهب، أو فضة.
وقال الحكم : القنطار ما بين السماء والأرض من مال.
وقال سعيد بن جبير وعكرمة : مائة ألفٍ، ومائة مَنّ، ومائة رَطل، ومائة مثقال، ومائة درهم، وقد جاء الإسلام - يوم جاء - وبمكة مائة رجل قد قَنْطروا.
قوله :" الْمُقَنطَرَة " مُنَفْعَلَة من القنطار وهو للتأكيد، كقولهم : ألف مؤلَّفة، وبدرة مبدرة، وإبل مُؤبَّلة، ودراهم مُدَرْهمة.
وقال الكلبي : القناطير الثلاثة، والمقنطرة المضاعفة، فكان المجموع ستة.
وقال الضحاك : معنى " الْمُقَنْطَرَة " : المحَصَّنة المُحْكمة.
وقال قتادة : هي الكثير بعضها فوق بعض.
وقال السُّدِّي : المضروبة، المنقوشة حتى صارت دراهم ودنانير.
وقال الفراء : المضعّفة، والقناطير الثلاثة، فالمقنطرة تسعة وجاء في الحديث أن القنطار ألف ومائتا أوقية، والأوقية خير مما بين السماء والأرض.
وقال ابو عبيدة : القناطير أحدها قنطار، ولا نجد العرب تعرف وزنه ولا واحد للقنطار من لفظه.
٧٥
وقال ثعلب : المعوَّل عليه عند العرب أنه أربعة آلاف دينار، فإذا قالوا : قَنَاطير مقنطرةٌ، فهي اثنا عشر ديناراً وقيل : غن القنطار ملء جلد ثور ذهباً.
وقيل : ثمانون ألفاً وقيل : هو جملة كثيرة مجهولة من المال نقله ابن الأثير.
قوله :﴿مِنَ الذَّهَبِ﴾ كقوله :﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾، [والذَّهَب] مؤنث، ولذلك يُصَغَّر على ذهيبة، ويُجْمَع على أذهاب وذُهوب، واشتقاقه من الذهاب، ويقال : رجل ذَهِب بكسر الهاء - رأى معدن الذهب فدُهِش و [ " الفضة " تجمع على فضض، واشتقاقها من انفض إذا تفرق].
قال القرطبيُّ : والذهب مكيالٌ لأهل اليَمَن، قال : واشتقاق الذهب والفضة، يشعر بزوالهما وعدم ثبوتهما كما هو مشاهد ف ي الوجود، ومن أحسن ما قيل في ذلك قول بعضهم :[البسيط] ١٣٦٠ - النَّارُ آخِرُ دِينَارٍ نَطَقْتَ بِهِ
وَالهَمُّ آخِرُ هَذَا الدِّرْهَمِ الجَارِي
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٧٠
وَالمَرْءُ بَيْنَهُمَا إذْ كَانَ ذَا وَرَعٍ
مُعَذَّبُ القَلْبِ بَيْنَ الهَمِّ وَالنَّارِ
والذهب والفضة : إنما كانا محبوبَيْن لأنهما جُعِلا ثَمَن جميع الأشياء، فمالكها كالمالك لجميع الأشياء.
قوله :" وَالْخَيْلِ " عطف على النساء، قال أبو البقاء :[معطوف على النساء]، لا على الذهب والفضة، لأنها لا تسمى قنطاراً وتوهم مثل هذا بعيد جداً، والخيل فيه قولان : أحدهما : قال الواحديُّ :" إنه جمع لا واحد له من لفظه، كالقَوْم، والنساء والرهط ".
الثاني : أن واحده خائل، فهو نظير راكب وركب، وتاجر وتجر، وطائر وطير.
وفي هذا خلاف بين سيبويه والأخفش، فسيبويه يجعله اسم جمع، والخفش يجعله جمع تكسير.
وفي اشتقاقها وجهان : أحدهما : من الاختيال - وهو العجب - سُمِّيت بذلك ؛ لاختيالها في مِشيتها بطول أذنابها قال امرؤ القيس :[المتقارب] ١٣٦١ - لَهَا ذَنَبٌ مِثْلُ ذَيْلِ الْعَرُوسِ
تَسُدُّ بِهِ فَرْجَهَا مِنْ دُبُرْ
٧٦
الثاني : من التخيل، قيل : لأنها تتخيل في صورة من هو أعظم منها.
وقيل : أصل الاختيال من التخيل، وهو التشبيه بالشيء ؛ لأن المختال يتخيل في صورة من هو أعظم منه كِبْراً.
والأخيل : الشَّقِرَّاق ؛ لأنه يتغير لونهُ، فمرة أحمر، ومرة أصفر وعليه قوله :[مجزوء الكامل] ١٣٦٢ - كَأبِي بَرَاقِشَ كُلُّ لَوْ
نٍ لَوْنُهُ يَتَخَيَّلُ


الصفحة التالية
Icon