مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله (٤). وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف. وهذا غريب، وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم، وإنما نقم عليه ذلك أولئك الرهط الذين تمالؤوا عليه وقتلوه، قاتلهم الله، وفي ذلك جملة ما أنكروه مما لا أصل له، وأما سادات المسلمين من الصحابة، ومن نشأ في عصرهم ذلك من التابعين، فكلهم وافقوه.
قال أبو داود الطيالسي وابن مهدي وغُنْدَر عن شعبة، عن عَلْقَمة بن مَرْثَد، عن رجل، عن سُوَيد بن غفلة، قال عليّ حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته (٥).
وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سِنَان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق (٦) عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد (٧). وهذا إسناد صحيح.
وقال أيضا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف، حدثنا يحيى بن كثير، حدثنا ثابت بن عمارة

(١) صحيح مسلم برقم (٨٩١).
(٢) صحيح البخاري برقم (٨٩١) وصحيح مسلم برقم (٨٨٠).
(٣) صحيح مسلم برقم (٧٧٢).
(٤) المصاحف لابن أبي داود (ص ٤٣).
(٥) رواه ابن أبي داود في المصاحف (ص١٩).
(٦) في جـ: "أبي مصعب".
(٧) المصاحف (ص١٩).
الحنفي، قال: سمعت غنيم بن قيس المازني قال: قرأت القرآن على الحرفين جميعا، والله ما يسرني أن عثمان لم يكتب المصحف، وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلام، فأصبح له مثل ماله. قال: قلنا له: يا أبا العنبر، ولم؟ قال: لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشعر (١).
حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثني عمران بن حدير، عن أبي مِجْلَز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر. حدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت ابن مهدي يقول: خصلتان لعثمان بن عفان ليستا لأبي بكر ولا لعمر: صبره نفسه حتى قتل مظلومًا، وجمعه الناس على المصحف (٢).
٤٢@@@


الصفحة التالية
Icon