: ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية. قال أبو عبيد: وبعض اللغات أسعدُ به من بعض، وقال القاضي الباقلاني: ومعنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ﴾ [يوسف: ٢]، ولم يقل: قرشيا. قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولا واحدا، يعني حجازها ويمنها، وكذلك قال الشيخ أبو عمر بن
عبد البر، قال: لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات بتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز. وقال ابن عطية: قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى: ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ﴾ [فاطر: ١]، حتى سمعت أعربيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.
القول الثالث: أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة (١) قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.
القول الرابع -وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء-: أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: ﴿ وَيَضِيقُ صَدْرِي ﴾ [الشعراء: ١٣] و "يضيقَ"، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ﴾ [سبأ: ١٩] و "باعَدَ بين أسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: ﴿ نُنْشِزُهَا ﴾ [البقرة: ٢٥٩]، و"نَنشُرُها" (٢) أو بالكلمة مع بقاء المعنى [مثل] (٣) ﴿ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴾ [القارعة: ٥]، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة بالتقدم والتأخر مثل: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ [ق: ١٩]، أو "سكرة الحق بالموت"، أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين" (٤). "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور".
القول الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال (٥) ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثًا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراء (٦)
٦٣@@@


الصفحة التالية
Icon