ماجاءنى إلا زيد. وهذا معقول، لأنه يفيد نفى المجئ عن الكل إلا عن زيد، وأما قوله : جاءنى القوم إلا زيد، فهاهنا البدلية غير ممكنة، لأنه يصير التقدير : جاءنى إلا زيد، وذلك يقتضى أنه جاء كل أحد إلا زيد اً. وذلك محال، فظهر الفرق ؛
* * *
البحث الثالث : اتفق النحويون على أن محل إلا فى هذه الكلمة محل غير. والتقدير : لا إله غير الله وهو كقول الشاعر :
وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان
والمعنى : كل أخ غير الفرقدين فإنه يفارقه أخوه.
قال الله تعالى :( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) قالوا : التقدير : لو كان فيهما أله غيرالله لفسدتا. والذى يدل على صحة ما قلناه : أنه لو حملنا إلا على الإستثناء لم يكن لا إله إلا الله توحيداً محضاً، لأنه يصير تقدير الكلام : لا إله يستثنى عنهم الله.
فيكون هذا نفياً لآلهة يستثنى عنهم الله، ولا يكون الآلهة [بحيث] يستثنى عنهم الله بل عند من يقول بدليل الخطاب يكون إثباتاً لذلك، وهو كفر.
فثبت أنه لو كانت كلمة إلا محمولة على الإستثناء لم يكن قولنا : لا إله إلا الله توحيداً محضاً.
ولما اجتمعت العقلاء على أنها تفيد التوحيد المحض وجب حمل إلا على معنى غير حتى يكون معنى الكلام : لا إله غير الله.
* * *
المبحث الرابع :
قال جماعة من الأصولين : الإستثناء من النفى لا يكون إثباتاً.
واحتجوا عليه بوجهين :
الأول : ان الإستثناء مأخوذ من قولك : ثنيت الشئ عن جهته، إذا صرفته عنها، فإذا قلت : لا عالم فهاهنا أمران :
أحدهما الحكم بهذا العدم، والثانى نفى هذا العدم.
ثم إذا قلت عقيبه إلا زيد، فهذا الاستثناء


الصفحة التالية
Icon