فإن أكثر أحواله يكون بإظهار الدعوى مقدمة على إظهار المعنى والله أعلم.
الرابع : أن من أوله نطفة مذرة، وأخره جيفة قذرة، وفيما بينهما حمال العذرة، لا يليق به أن يمدح نفسه، أنما يحق مدح النفس لمن هوالأول والآخر والظاهر والباطن.
الخامس : أن حب الإنسان لنفسه غالب فإذا شرع فى مدح النفس استولى ذلك عليه، ثم إن ذلك يعميه ويصمه عن التنبه لما فيه من المعايب ويصير ذلك سبباً فى بقائه فى ظلمات الحماقات والجهالات، بخلاف الحق سبحانه وتعالى، فإنه منزه عن النقائص والآفات فلا يصير مدحه لنفسه سبباً لشئ من المعايب والنقائص
السؤال الثالث :
لما شهد لنفسه بالوحدانية، فأى حاجة مع حصول شهادته إلى شهادة الملآئكة وأولى العلم، وما الحكمة فى أنه تعالى ذكر بعد شهادة نفسه شهادة الملآئكة وأولى العلم ؟
والجواب من وجهين :
الأول : روى أنه عليه الصلاة والسلام كان يمشى خلف جنازة، فقال واحد : هذا الميت كان رجلا صالحاً فقال عليه الصلاة والسلام :"واحد. وقال الثانى والثالث كذلك، فقال إثنان، ثلاثة. فلما قال الرابع مثل ذلك قال : وجبت فقيل : يا رسول الله
وما التى وجبت ؟ فقال : وجبت مغفرته فى كرم الله تعالى والجنة ".
لأن المؤمنين شهود الله تعالى على وحدانيته، فلو لم تقبل شهادتهم هنا لصارت شهادتهم بالوحدانية باطلة غير مقبولة