ثالثها : يروى أن الصديق رضى الله عنه كان يخافت فى صلاته بالليل، ولا يرفع صوته بالقراءة، وكان عمر رضى الله عنه يجهر بها فسأل رسول الله ﷺ أبا بكر عن فعله فقال : من أناجيه يسمع كلامى، وسأل عمر فقال : أوقظ الأوثنان، وأطرد الشيطان، وأرضى الرحمن، فإمر رسول الله ﷺ أبا بكر برفع صوته قليلاً، وأمرعمر بخفضه قليلاً،
إلهنا، الإيمان فينا كالرسول، والقلب مثل أبى بكر، واللسان مثل عمر، والقلب يخافت بالذكر كأبى بكر، واللسان يظهر الذكر كعُمر، والإيمان يأمر القلب بالزيادة فى الذكر، ويأمر اللسان بإخفاء الذكر فوفقنا لما تحب وترضى بفضلك يا أكرم الأكرمين.

فصل


روى الأمام محمد بن على الحكيم الترمذى عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله ﷺ "ما من نفس تموت فتشهد أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن، إلا غفر الله له ".
قال الشيخ : فهذه شهادة شهد بها عند الموت، وقد ماتت نفسه من الشهوات، ولانت نفسه المتمردة من هول الموت وذهب حرصه، وألقى نفسه بين يدى رب العزة، وقدرة رب العالمين، فاستوى منه الظاهر والباطن، فلقى الله مخلصاً بتلك الشهادة، فغفر الله له بتلك الشهادة التى وافق ظاهرها باطنها.
وأما الذى يقوله أيام الصحة فقوله مع التخليط، لأنه يشهد بهذه الشهادة وقلبه مشحون بالشهوات، ونفسه أشرة بطرة، فلا يستحق بذلك القول المغفرة. فهذا هو التفاوت بين ذكر الشهادة فى حالة الصحة وذكرها فى آخر زمان الحياة.


الصفحة التالية
Icon