وتحقيق القول فيه : أن الطيب هو اللذيذ. والذة هى : إدراك الملائم.
وقد بينا أن الملائم للقوى الحساسة : إدرالك المحسوسات، والملائم للقوى الشهوانية : جلب النافع الجسمانى، وللقوة الغضبية دفع المنافى الجسمانى.
وأما الملائم للقوة العقلية فهو إدرالك جلال الله وقدرته وعظمته وعزته.
إذا عرفت هذا فتقول : إدرالك القوة العلقلة أقوى من إدرالك القوة الحساسة، وسيأتى شرح هذا فيما بعد إن شاء الله.
وأما مدركات القوى الحساسة فهى الأعراض القائمة بالأجسام الكائنة الفاسدة، ومدك القوة العاقلة هو : ذات الله تعالى وعظمته وجلاله. وظاهر أنه كلما كان الإدراك أقوى والمدرك أشرف كانت اللذة الحاصلة بسبب ذلك الإدراك أشرف وأعلا.
فعلى هذا نسبة اللذة العقلية إلى اللذة الحسية فى ألشرف والقوة كنسبة الإدراك العقلى إلى الإدراك الحسى، وكنسبة ذات الله تعالى وصفاته فى الشرف والتعالى إلى الأعراض القائمة بالأجسام. وكما أنه لا نهاية للنسبة الحاصلة بين هذين الإدراكين وبين هذين المدركين، فكذلك لا نهاية للنسبة الحاصلة بين اللذات العقلية الحاصلة بسبب إدراك جلال الله ويبن اللذات الحاصلة بسبب الروائح والطعوم وسائر المحسوسات.
إذا عرفت هذا ظهر أن الطيب المطلق هو : معرفة ألا إله إلا الله، وذكر لا إله إلا الله، والإستغراق فى أنوار جلال لا إله إلا الله، فلهذا السبب قال تعالى :(وهدوا إلى الطيب من القول ).
والمراد منه : كلمة لا إله إلاالله.


الصفحة التالية
Icon