وغاظتهم غيظا شديدا وقالوا : يا رسول
الله هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا وبما نعمل فأما قلوبنا فليست بأيدينا فقال لهم رسول الله ﷺ قولوا سمعنا وأطعنا، قال : فنسختها هذه الآية (آمن الرسول) (البقرة الآية ٣٨٥) إلى (وعليها ما اكتسبت) فتجوز لهم عن حديث النفس وأخذوا بالأعمال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه، وَابن جَرِير والطبراني والبيهقي في الشعب عن سعيد بن مرجانة، أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر تلا هذه الآية ﴿وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه﴾ الآية، فقال : والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن ثم بكى حتى سمع نشيجه قال ابن مرجانة : فقمت حتى أتيت ابن عباس فذكرت له ما قال ابن عمر وما فعل حين تلاها، فقال ابن عباس : يغفر الله لأبي عبد الرحمن لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد الله بن عمر فأنزل الله بعدها (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (البقرة الآية ٢٨٦) إلى آخر السورة قال ابن عباس : فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها وصار الأمر إلى أن قضى الله أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت من القول والعمل.
وأخرج ابن أبي شيبة، وَابن جَرِير والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه عن سالم أن أباه قرأ ﴿وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله﴾ فدمعت عيناه فبلغ صنيعه ابن عباس فقال : يرحم الله أبا


الصفحة التالية
Icon