كل هذا دال على المقصود الأعظم لهذه السورة: «إقامة الدليل على أن الكتاب هدى يتبع فى كلِّ حال وأعظم ما يهدى إليه الإيمان بالغيب، ومجمعه الإيمان بالآخرة، ومداره الإيمان بالبعث الذى أعربت عن قصة البقرة التى مدارها الإيمان بالغيب، فلذلك سميت بها السورة» (١)
مطلع السورة واسمها منبئان عن مقصودها، واذا ما كنت قد تجاوزت القول فى (ألم) فى مطلع السورة، فإن «استخراج مناسبات هذه الحروف وأحوالها إلى مقاصد السور وأغراضها يحتاج إلى مزيد من التوفر والفهم والصفاء ووراءه علم دقيق ومعرفة لطيفة شريفة» (٢)
ومذاهب العلماء فى استبصار دلالات هذه الاستفتادات كثيرة وقليل منها ما سعى أصحابها إلى استخراج ما بينها وبين مقاصد سورها ومعانيها من تناسب ونتائج. وهي محاولات لا تسلم من المناقدة والتوقف (٣)
***
- الخاتمة والمقاطع:
إذا ما كان فى مطلع تلاوة كُلِّ سورة دلائلُ على مضمونِها وقرائن هداية إلى حسن استبصار معالم مقصودها الأعظم، فإنَّ من سنن بناء الكلام فى أدب العربية أن ينعطفَ آخرُ الكلام على أوَّله، ويكون فى آخره ما يتأخى مع أوله ويتناعى مع مفتتحه.
وقد جعل"شبيب بن شيبه" العناية بجودة الانتهاء كمثل العناية بجودة الابتداء يقول:" الناس موكلون بتفضيل جودة الابتداء وبمدح صاحبه وأنا موكل بتفضيل جودة القطع ويمدح صاحبه " (٤)

(١) - البقاعي: نظم الدرر: ١/٥٥، ومصاعد النظر: ٢/٩
(٢) - شيخنا أبو موسى: الإعجاز البلاغي: ٢٣٦
(٣) - ينظر: البرهان للزركشي: ١/١٦٨، نظم الدرر: ١٢/١٥٦
(٤) - البيان والتبيين: ١/١١٢


الصفحة التالية
Icon