وأنت إذا ما تأملت هذه الخاتمة ألفيتها دالة على ما يتآخى مع ما دلَّت عليه مطلعها فإنَّه " لما ابتدأ السورة بوصف المؤمنين بالكتاب الذى لا ريب فيه على الوجه الذى تقدم ختمها بعد تفصيل الإنفاق الذى وصفهم به أولها على وجه يتصل بما قبله من الأوامر والنواهى " (١)
فأنت فى الخاتمة تلحظ استظهار الإيمان بالغيب الذى هو صدر صفات المتقين الذين كان القرآنُ الكريم هدًى لهم وتلحظ التعانق البديع بين قوله - سبحانه وتعالى - فى المطلع: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ (البقرة: ٤)
وقوله - جل جلاله -: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ (البقرة: ٢٨٥)
وكذلك بين قوله - عز وجل - ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (البقرة: ٥) في مطلعها، وذلك الدعاء البديع فى آخرها ولا سيما قوله - سبحانه وتعالى -:
{... أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (ي: ٢٨٦)
فمن كان الله - سبحانه وتعالى - مولاه وكان منصورًا على الكافرين كان يقينا على هدى من ربه وكان مفلحا.