(الاول) المعنى القصْدِيّ، وهذا هو عين مراد الله - سبحانه وتعالى -، وهو معنى توفيقى ليس لنا معه إلا الاجتهاد فى فهمه حين يبلغنا بسند صحيح عن سيد المرسلين محمد - ﷺ -.
(والآخر) المعنى الإدراكِيّ وهو كلُّ ما يدركه أهلُ العلم والتَّدبُّر من النَّصِّ القرآنيّ وفقا لأصول الإدراك والتَّدبُّر وضوابطها وهذا الضرب (المعنى الإدراكى) هو مناط دراستنا ونستطيع أن نعرفه الآن:
«كلُّ مايدركه ويستنبطه أهلُ العلم من النَّصِّ فى سياق السورة المقاليّ والمقاميّ وفقا لأصول وضوابط الفهم والاستنباط»
ذلك هو المبتغَى من التَّدبّر.
ووجه هذا أنَّه ما كان الاستنباط من النصّ وفق الأصول العلمية للاستنباط قائمًا به من هو أهل لذلك الاستنباط، فإنَّ ثمرة ذلك مما يريد الله - عز وجل - من عباده أن يعرفوه، ويريد أن يبلغهم عنه؛ لأنَّه لو كان ذلك لا يريد إبلاغه إلينا لأقامَ في بيانه من القرائن ما يصرفُنا عن فقهه، فذلك حق المستمع على المتكلم، وقد جاء عن أهل العلم أن من البلاغة ألاَّ يؤتَى السَّامع من قِبَلِ المتكلم، بألاَّ يقيمَ المنائرَعلى الطريق، وألاَّ يضعَ القرائن المُعِينَة على فقه المراد الصَّارفة عمَّا لا يريد.
مجال التَّدبّر والبحث عن المعنى القرآنيّ:
إذا ما كان المعْنَى القرآني هو بغية المتدبر طَلِبَتِه التي يرتحل إليها، فإن لهذا التَّدبُّر المبتغِي نوالَ المعنى القرآنيّ مجالا تتوالى فيه حركة المتدبّر حلولا وارتحالا، لا يتوقف، ولا يعرف منتهًى ينتهي عِنده؛ ليعقل الراحلة ويحطَّ الرَّحْلَ.