فَلوْ إذْ نَبَا دهْرٌ وأنْكر صاحبٌ * وسلط أعداءٌ وغابَ نَصيرُ... تكونُ عن الأهوازِ داري بنجوة * ولكنْ مقاديرٌ جرَتْ وأمورُ... وإنّي لأرْجو بعد هذا محمدا * لأفْضَلَ ما يُرجَى أخٌ ووزيرُ
فإنّك ترى ما ترى من الرونق والطَّلاوة ومن الحسن والحلاوة، ثم تَتَفَقَّدُ السبب في ذلك، فتجده إنّما كان من أجل تقديمه الظرف الذي هو: «إذ نبا» على عامله الذي هو: «تكون» وأن لم يقل: فلو تكون عن الأهواز داري بنحوة إذ نبا دهر، ثم أن قال:" تكون" ولم يقل: "كان"، ثُمَّ أن نكر "الدهر" ولم يقل:"فلو إذ نبا الدهر"، ثم أن ساق هذا التنكير في جميع ما أتى به من بعد، ثم أن قال:"وأنكر صاحب"، ولم يقل:" وأنكرت صاحبا"
لا ترى في البيتين الأولين شيئا غير الذي عددته لك تجعله حسنا في النظم وكله من معاني النحو كما ترى.
وهكذا السبيل أبدا في كل حسن ومزية رأيتهما قد نسبا إلى النظم وفضل وشرف أحيل فيهما عليه» (١)
يهمنا – هنا- قوله:" واستقص في النظر" وقوله:" تَتَفَقَّدُ السبب" يدلك هذا دلالة بينة على وجوب الاستقصاء في التحليل والتذوق (٢)

(١) - دلائل الإعجاز: ٨٥-٨٦
(٢) - لا ريب في أنَّ من شاء الاستدراك على " عبد القاهر " في استقصائه هنا كان له إلى ذلك سبيل، فإنه كما ترى لم يستوف ولم يستقص، بل ثَمّ أمور مهمة في الصورتين الشعريتين نفتقِرُ إلى تذوقها.


الصفحة التالية
Icon