المهم أن هذا الاستقصاء في التحليل والتّدبر والتّذَوّق لابدَّ معه من تعليلٍ وتأويلٍ وإبانةٍ عن ذلك بلسان مبين، فإنَّ الاستقصاء في تحليل وتدبر البيان لا يعدو مرحلة التذوق الانطباعي الذي قد لا يستفاد منه. يقول الإمام: «لا بُدَّ لكلِّ كلام تستحسنه ولفظ تستجيده من أن يكون لاستحسانك ذلك جهة معلومة وعلة معقولة وأن يكون لنا إلى العبارة عن ذاك سبيل وعلى صحة ما ادعيناه من ذلك دليل وهو باب من العلم إذا أنت فتحته اطلعت منه على فوائد جليلة ومعان شريفة» (١)
فالعلم بجهة الحسن والاستجادة وعلة ذلك وسببه، ثُمَّ الاقتدار على الإبانة عن ذلك الذي أدركته بفراستك البيانية؛ليكون تدبّرك وتذوقك موضوعيًا علميًا متطهرًا من الذاتية المجردة التي لا يستفاد منها غالبًا في باب العلم والتعلم، ولا تهدى إلى الآخر ما به يسطيع السيرعلى الطريق الذي سلكت، فإنَّ البلاغيّ والناقد من رسالتهما فتح السبل إلى الولوج في النص، وإغراء القارئ بمخادنة النّص بالإشارة إلى بعض من جليل مكنونه.
***
وتبقَى الإشارة التذكيرية بأمرين رئيسيين في منهاج التحليل البياني للقرآن الكريم في سياق السورة:
؟ الأول: العناية بتحليل مشتبه النظم (التصريف البياني للمعنى القرآنيّ)
؟ الآخر: العناية بالتوجيه البياني للقراءات القرآنية.
هذان أمران لا تستقيم دراسة تحليلية لبيان القرآن الكريم غفلت عن أحدهما أو تساهلت في العناية بالوفاء ببعض حقهما.

(١) - السابق: ٤١


الصفحة التالية
Icon