ومن العَليّ هنا أن ترصد المفردات في كلّ سورة رصدًا كاملاً يشمل أدوات المعاني والأسماء والأفعال، وذلك من قبل أن يتم إعداد معجم كلمات لكلّ معقد من معاقد السورة على حدة؛ ليتبين للمتفقه معانيها ما بين معاقد كل سورة من المجموع الكليّ لكلّ صنف من كلمات السورة، فإذا ما جئنا إلى سورة البقرة مثلا رصدنا أوَّلاً جميع كلماتها، وهذا ليس بالعسير اليوم، وقد كثرت وسائل ذلك ويُسِّرت، ثُمَّ فصّلنا ما فيها من أدوات معاني كل أداة على حدة، ثُمّ كل مادة، ونبين ما كان اسما وما كان فعلا وما كان من الأفعال ماضيا وما كان غير ذلك، وما هو مجرد وما هو مزيد، ومن الأسماء ما هو جامد وما هو مشتق، وكل مشتق يصنف وفق نوع اشتقاقه.
وإعداد هذا المعجم مع كلِّ معقد ونجم ثم محاولة المقارنة بين معاجم كل إنَّما يعين على إدراك ما لكل معقد من تميز وما فى كلٍّ من العرى الوثقى التى يتواشج بها لغوياً وتركيباً ودلاليا مع المعاقد الأخرى فى السورة، فانَّ حضور مادة لغوية ما فى المعاقد كلها أو أكثرها قد يكون آية من آيات الإعتلاق والتناسج بين فصول السورة ومعاقدها، لهذا فإنِّي أوثر إعداد معجم لكلِّ معقدٍ بعد المعجم الكليّ للسورة، ثم مقارنته ببعضه واستبصار ما بينه من تحالف وتخالف كميٍّ ونوعيٍّ ودلاليٍّ.
ومن البين السافر أنَّ التحليل البيانيّ لمفردات السورة يعمد فيه صاحبه إلى محاولة استبدال عناصر لغوية مقاربة بعناصر لغوية تشكلت منها السورة، ثم موازنة ما استبدال بما استبدل به ليتأتى له استبصار بعض معالم خصائص تلك العناصر اللغوية التى تنفرد بها، ولا سيَّما اذا ما كانت تلك الكلمات المستبدلة بغيرها مما له وجود فى سياق سورة أخرى.


الصفحة التالية
Icon