فأنت إذا ما نظرت في قول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾ (محمد: ١٩)
وتدبرت قوله - عز وجل -: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ﴾ وحده من غير أن تربطه بسياقه المقاليّ والمقامي، فإنّك تصل إلى أنَّ الله جَلَّ ثَنَاؤه يأمر نبيه - ﷺ - وأمته من بعده أن يعلم أن الله - سبحانه وتعالى - واحد.
وهذا المعنى إذا ملأ القلب كفاه زادًا في سعيه في هذه الحياة، ولكنَّ من وراء هذا المعنى الجمهوري المأخوذ من هذه الجملة القرآنية وحدها دون ربطها ببقية الآية وبسياقها المُمْتَدِّ في السورة وسياقها المقامي معانيَ متصاعدةً تتوافدُ عليك كلَّما وسعت دائرة التبصّر والتّدبر.
والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحثنا على ألاَّ نرضى بالوقوف عند أوّل المَدْرََجَةِ إذا ما كان بمَُلكِنا أن نتصاعد، فنجتني الأوفر والأكبر:
﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ... ﴾ (الزمر من الآية: ٥٥)
فإنَّ من وجوه المعنى – فيما أذهب إليه -: أنَّ ما أنزل إلينا من ربنا - عَزَّ اسْمُهُ - ذو عطاءٍ متكاثرٍ، فعلينا أن نتبع أحسنه عطاءً لقلوبنا، فإنَّ لكل قلبٍ مُعافََى من داء الغفلةِ من المعاني القرآنية ما يُحْسِنُ إليه غذاء وشفاء، فيحسن حاله به والمرءُ السّويّ أبصر بما يصلح قلبه ونفسه، فعليه أن يتبع.


الصفحة التالية
Icon