وإذا ما تجاوز صاحب القرآن الكريمُِ في تدبّره دائرة الجملة إلى دائرة الآية كان مجتنى تدبّره أبسطَ وألطفَ وأحكمَ إذا ما كانت الآية ذات معنى يمكن الوقوف عنده دون أن يفتقر المرءُ افتقارًا بالغا إلى أن يقرنَ بها غيرها، وهذا هو الغالب على كثير من آيات القرآن الكريم، ولا سيّما آيات السور الكثير عدد آياتها. وبعضُ آيات القرآن الكريم تكون بالنسبة إلى أختها كالكلمة بالنسبة إلى أختها في بناء الآية؛ لتعلُّق الأخرى بها تعلقًا تركيبيا يصير بعض الآية التالية مكمِّلا بناءَ المعنى في الجملة السابقة
ذلك أنَّ تفصيل السورة القرآنية إلى آيات ليس معياره لغويًّا نحويًّا تركيبيًّا، بل من وراء ذلك حكم لطيفة قد لا يتيسر لنا إدراكها.
وقد جاء في خبر موقوف عن أم المؤمنيبن سيدتنا " عائشة بنت الصديق – رضي الله عنهما -: " أنها قالت: إن عدد آيات القرآن الكريم على عدد درج الجنة، وكلَّما قرأ صاحب القرآن آية ارتقي في الجنة درجة."
ومثل هذا لا يكون من أمِّ المؤمنين أو أحدٍ من الصحابة غيرها من عند نفسه بل هو في حكم المرفوع.
المهم أن المعنى القرآني المجْتَنَى من تدبر الآية أوفر عطاء وألطف نوالاً من المعنَى المجتنَى بتدبّر الجملة القرآنية في سياق الآية.
***


الصفحة التالية
Icon