﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً﴾ (النساء: ١٥٣)
وما جاء فى القرآن الكريم إنما هو إيقاع النظر لا الرؤية وعلى إسمه (الرب) وليس (الله) من نحو قول الله - عز وجل -: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة: ٢٢ - ٢٣)
وما جاء من قول الله - عز وجل -: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (لأعراف: ١٤٣)
فغير خفي أن قول سيدنا "موسى " - عليه السلام - (أرني) لايطلب مفعولا ثانيا يقدر، وإنما هو من جعل المتعدي إلى مفعولين متعديا إلى واحد، فمن قدر (أرني ذاتك) فقد وهم؛ لأنَّ ذات الله - سبحانه وتعالى - لا تُرى، والمعنى أرني: أي امنحني القدرة على رؤية الأشياء، فإن منحتني تلك القدرة أنظر إليك، وكاف الخطاب في (إليك) عائدة إلى اسمه (رب) - جل جلاله -، وليس إلى اسم الجلالة، فإنه لم يقل اللهم أرني أنظر إليك.
إن علينا أن نعرف علائق الكلم بعضها ببعض، وقد قال "عبد القاهر":
«... إنّك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع، ثُمَّ تراها بعينها تثقُلُ علَيْكَ وتوحشك في موضع آخر» (١)

(١) - دلائل الإعجاز: تح: شاكر ص ٤٦


الصفحة التالية
Icon