وإذا ما كان صاحب التحليل البيانيّ لمفردات القرآن الكريم ناظرًا في مادة الكلمة القرآنية وعلاقتها بسياقها والغرض المنصوب له البيان، فإنَّه أيضًا ناظر إلى صيغة الكلمة القرآنية والعطاء الدلاليّ لها فى سياقها من نحو اصطفاء (المضارع) :(يسبحن) واسم المفعول: (محشورة) من قول الله - جل جلاله -: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) (صّ: ١٨- ١٩)
ومن نحو اصطفاء المضارع (يخرج) على الرغم من اصطفاء اسم فاعل (فالق) قبله و (مخرج) بعده فى قول الله - جل جلاله -: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ (الأنعام: ٩٥)
إلى غير ذلك من صور الكلمة القرآنية من جمع وأفراد (١) وتعريف وتنكير فان ذلك باب فسيح لا يكاد يتناهى.
واذا ما كان «النظر فى مفردات النص الأدبى من أوجب ما يجب على مفسره ودارسه؛ لأنّها مفتاح النّصّ، وزمام ما فيه من دقيق المعاني وخفي الإشارات، وكلَّما أحسن الدراسُ هذه الوقفات واستشف من المفردات كلّ ما تعطيه وتلوح به من معنى ووحي ورمز كان أقدر على الاندماج والمشاركة، وبهذا يصِل نفسَه بنفس منشئة، ويلحق فى آفاقه، ويتابع خطراته، ويملك تجربته كاملةً... » (٢) فإنَّ الأمر أعظم فى تدبر سورة من القرآن الكريم
(٢) - البلاعة القرآنية لشيخنا: ٢٦١