وهذا يوجب على القائم بالتحليل البياني للتراكيب أن يرجع مزايا البيان وبلاغته إلى هذه الأمور، وليس من شك في أنَّ هذه الثلاث متغيرة متنوعة بتغير السياق وتنوعه، ومن ثمّ لا تجد قوانين تطبق بحذافيرها فِي كلّ موطن وسياقٍ.
وهذه المثابات الثلاث توجب علينا في تحليلنا البياني للتراكيب أن تكون من خطواتنا الرئيسية في التحليل:
تحقيق التناسب بين الوجه الذي اصطفيناه والمعنى والغرض المنصوب له الخطاب.
وهذه خطوة مهمة جدًا وكثيرًا ما نغفل عنها، أولانوفيها كثيرًا من حقها.
إذا ما نظرت فيما يعرض من احتمالات التأويل رأيت غير قليل منها لا يتناسب مع المعنى والعرض المقام له الكلام، وأقرب شيء ترى فيه ذلك تأويلهم بعض آيات الغيب واليوم الآخر، وآيات أفعال الله وصفاته على أنّها مجاز أو تخييل، وهذا التحليل لا يتناسب مع المعنى والغرض المنصوب له الكلام.
العناية بعلاقات الأساليب واستعمال أنماط التركيب بعضا ببعض.
وهذا يستوجب أن نبحث عن النمط الرئيسي في تصوير المعنى، والأساليب المعينة له على ذلك، ففي كل صورة معنى، ولا سيّما المعاني الكليّة الممتدة القائمة من عدة أساليب وهي ليست منازلها سواء في تحقيق المعنى، منها ما هو رئيس، ومنها ما ليس كذلك، وقد تتعدد الأساليب الرئيسة فتكون أكثر من أسلوب.
علينا أن نستبصر النمط التركيبي الرئيس في كل صورة من صور المعاني التي نحن بصدد تحليل تراكيبها تحليلا بيانيا.
لتنظر مثلا في سورة (والليل) وسورة (والضحى) أيمكن أن تقول إن الأسلوب الرئيس الذي تبنى عليه الأساليب الأخري، وعليه مدار تصوير المعنى في كل أسلوب واحدٌ؟
سورة (والليل) تجد اسلوب القسم والمقابلة هو النمط التركيبي الرئيس المهيمن، تسانده أساليب أخرى.
وفي سورة (والضحى) تجد أسلوب القسم والتقسيم هو الأسلوب المهيمن، وليس المقابلة.
العناية بتدبر مواقع الأساليب والأنماط التركيبية بعضها مع بعض