الأسلوب المهيمن مثلا ليس بلازم أن يكون في صدر صورة المعنى، فيكون النمط التركيبي الرئيس مما بني عليه الأنماط الأخرى. ترى هذا مثلا في (آية الكرسي) ولكنك ترى في قوله - سبحانه وتعالى -:
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) (البقرة)
الأسلوب الرئيس في قوله - عز وجل -: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وسائر الأساليب مساندة لتقرير هذه الحقيقة التي أخبربها هذا النمط التركيبي المؤسس من خبر مجرد من التأكيد في صورة مقابلة قائمة في بصر القارئ وبصيرته، يلقى بها في وجه كلّ من يسعى إلى المجادلة بالتي هي أسوأ في شأن الربا.
وهو خبر على ما فيه من تجرد من عوامل التوكيد مكنوز فيه كل ما يقيم المسلم أمام حقيقة لا يملك عند سماعها إلا أن يقول بلسان يصور فيض التسليم الذي في قلبه: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾
(البقرة: من الآية٢٨٥) تحقيقا لما أخبر الله - سبحانه وتعالى - به عن شأن المؤمنين:
﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (النور: ٥١)


الصفحة التالية
Icon