وضع عبد القاهر هذا الأساس فلم يسبقه إليه سابق ولا لحقه من بعده لاحق فى لسان العرب ولا فى غير لسان العرب.» (١)
فاستطاع بهذا التحليل أن يكشف لنا «عن سر تأثير الكلام المركب من الألفاظ فى نفس الإنسان المتذوق لهذا الكلام، فيهتز لبعضه اهتزاز الأريحية، ويجد له من العذوبة والبشاشة ما يحمله على حفظه وترديده وتأمل جماله وروعته» (٢)
وجملة الأمر فى هذا أن التحليل البيانى للتراكيب وإنماطها فى إطار سياق كل معقد من معاقد السورة ثم إطار سياق السورة كلها لا يدع نمطاً تركيبياً إلا ونظر فى جميع وجوهه ووصفها وفسرها وبين أوجه المعنى وعلته ومقتضاه من السياق والمقام بدأ من تركيب الجملة فتركيب المعقد فالسورة، فاذا ما تم ذلك كانت الحاجة بالغة إلى حسن التأليف والتصنيف
وإستكشاف ما غلب من أنماط تركيبية فى العقد ثم فى السورة وما ندر وما كان فريداً.
واستكشاف ما كان النمط التركيبى الرئيس فى كل سياق ومقام وما يتمازج معه من أنماط تركيبية آخرى.
واستكشاف ذلك في كلِّ معقدٍ، ثم فى السورة كلِّها معين على فقه المعنى القرآني أولاً ثم معين ثانياً على فقه طبائع التركيب فى البيان القرآنيّ عامة
وهذا يهدى أيضاً إلى فقه ما بينهما فى السياق القرآنى والسياقات الأخرى من مفارقات منها تدرك الأذواق أنَّ هذا تركيب قرآنيّ أو غير قرآني وإنْ عجزت عن الإبانة والتفسير فضلا عن التَّأويل والتّعليل. (٣)
***
(٢) - السابق: ١٢٦
(٣) - للوقوف على بعض من التحليل البياني لصور تركيبية من البيان القرآني يمكن النظر في كتابي: معالم التكليف والتثقيف في آيات الربا من سورة البقرة، وكتابي: (شذرات الذهب: قراءة عربية في بيان القرآن الكريم) فإنَّ فيهما ما يمكن أن أعده نموذجا للتحليل البياني للتراكيب، فإن شئت الاطلاع على ما هو أعلى أمجد فانظره في كتاب شيخي: (من أسرار التعبير القرآني)