هذا علاوة على أن الذى أخبرنا بأنَّ الأرض خاشعة وهامدة فى جدبها ومهتزة رابية فى خصبها إنّما هو الذى خلق هذه الأرض وعلم حالها، فاذا وصفها لم يكن وصفه لها إلا كشفاً لحقيقتها، فالذى علم حالها - جل جلاله - قبل نزول الماء عليها وعلم معنى الخشوع والهمود على حقيقته هو الذى وصف حالها هذا بالخشوع والهمود والذى علم حالها بعد نزول المطر وعلم حقيقة الاهتزاز والربو والحياة هو الذى وصفها بذلك بعد، ولو أنه علم بأنّ ذلك هو الحق المطلق لما وصفها بشىء من ذلك في حاليها. (١)
ولا يقال إنَّ الله - سبحانه وتعالى - خاطبنا بما نعرف، ولم يخاطبنا بما يعلم مما لانعرف، فهو مجاز بناء على ما نعرف لا بناء على ما هو معلوم عند الله - جل جلاله -.

(١) - مناط الإعتبار القرآني في الآيتين: (آية سورة الحج، وآية سورة فصلت) هو الإرشاد العملي إلى جلاء حقيقة البعث، وأنَّ ذلك أمر إذا لم تخبر عنه الرسل فإنَّ فطرة العقل هادية إلى تقرره، فقرن بين أطوار خلق الإنسان، وأطوارإنبات الأرض. وجعل هذا من آيات الله - سبحانه وتعالى - الدالة على أن َّ الذي أحيا هذه الأرض هو المحيي الموتى وانه على ذلك قدير.
ليس مناط البلاغة في الاستعارة في هامدة أو خاشعة أو اهتزت وربت بل الصورة البيانية العلِيّة في روح التشبيه الذي أقيم عليه بيان الآيتين، وهذا ما ينبغي أن يكون مناط التحليل، ليس المجاز في (هامدة وخاشعة واهتزت وربت)


الصفحة التالية
Icon