= تحليل الصورة البيانية لا يغنى فيه تفصيل العناصر المكونة لها ثم الوقوف بها عن استبصار التطابق بين الحقيقة والمثال بل هو ضرورة أن يرمى بالتحليل إلى المقاصد القرآنية التى يرمى بالصورة إليها، فالاستهتار بتحليل عناصر الصورة ومنازعها ومنهج تركيبها، والانشغال به وحده، ثم التشاغل عن استكناه مقاصد هذه الصورة البيانية لا يعين على فقه المعنى القرآنى فى سياق السورة، فإذا صحَّ فى بيان الشعر فلا يصح في تدبر البيان القرآنيّ؛ لأنَّ اختلافهما فى باب التصوير البيانيّ جدّ عظيم، كما لايخفى على من يفقه ما يليق بالبيان القرآنيّ، ويقف على طبيعة الكلمة الشاعرة.
إذا ما نظرت في الصورة التشبيهية في قول الله - جل جلاله -: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة: ٢٧٥)
تجد أنَّ التشبيه هنا مرميّ به إلى تصوير حال أكلة الربا تصويرًا لا يبقى ذو عقل معه إلا فارًّا من كلّ شائبة ربًا، وإن أحاطت به الحاجات فضلا عمَّا دونها.
إنك لا تجد أحدًا يؤقن أنَّ هذا كلام ربّ العالمين يرضي أن يكون كمن يتخبطه الشيطان من المسّ إن في حياته الدنيا وإن في الأخرى.
قراءة الصورة التشبيهية وتحليلها في نور مغزاها ومقصده هو الذي يفعم القلب بأثرها.