وغير خفيّ عليك أن طريق دلالة التشبيه هنا على ذلك المقصد دلالة جلية باهرة لا يتفاوت النّاس في إدراك أصل المعنى الذي يبنى على المقصد والمغزى، وإن بقيت لطائف يتفاوت أهل العلم فيها تأتيك من التدبر والتذوق لمنهاج بناء الصورة واختيار مفرداتها ومواقعها من نحو اختيار فعل الأكل، والبيان باسم الموصول، والبيان بالفعل المضارع (يأكلون) والنفي بـ "لا"... (١)
ليست كل الصور البيانية فى سياق السورة على درجة سواء من منزلة بناء السورة، فمنها ما هو رئيسي يشكل حلقة رئيسية من حلقات المعنى ومنها ما تراه وشيجة التحام بين الحلقات تنساب بينهما روح التأخى والتناغى بين الحلقات الرئيسية، وهى برغم من ذلك خاضعة لسلطان ذلك الروح المهين.
المحلل البيانى لهذه الصورة البيانية عليه أن يعى أقدار الصور ويعرف منازلها فينزل كل صورة منزلها من العناية بالتحليل والتفسير والتأويل واستكشاف أثرها فى بناء المعنى القرآنى واستلاب وعى التلقى.
***
معالم الطريق
= التصوير البيانيّ فى القرآن الكريم بانماطه الثلاثة لا يحسن البته تدبره خارج سياق السورة التى أدرج على لاحبها فإنَّ فى ذلك السياق ما يكشف عن مكونات الصورة ومنازعها وعن منهج التصوير وآماده.

(١) - لمزيد من فقه هذه الصورة البيانية راجع كتابي: معالم التكليف والتثقيف في آيات الربا من سورة البقرة)


الصفحة التالية
Icon