ولكنَّ السياق فى السورة يسلك نهجا خاصا فى عرض هذا الموضوع وحقائقه الأصلية نهجا مفردا يميزها - كالشأن فى كل سورة قرآنية - عن السورغيرها:
يميزها بجوّها وطريقة أدائها والأضواء والظلال الخاصة التى فيها الحقائق الكبرى ولون هذه الحقائق التى قد لا تفترق موضوعيا عن مثيلاتها فى السور الأخرى، ولكنًَّها تعرض من زاوية خاصة فى أضواء خاصة، فتوحِى إيحاءات خاصَّة كما تختلف مساحتها فى رقعة السورة وجوِّها، فتزيد إطرافاً وتنقص إطرافاً، فيحسبها القارئ جديدة بما وقع فيها من تجديد....
ويبدو أنَّه كان لجو السورة من اسمها نصيب (إبراهيم) أبو الأنبياء الشاكر الأوَّاه المُنيب
كلُّ ظلالِ هذه الصفات ملحوظة فى جو السورة وفى الحقائق التى تبرزها وفى طريقة الأداء وفى التعبير والإيقاع.
ولقد تضمنت السورة عدة حقائق رئيسية فى العقيدة، ولكنَّ حقيقتين كبيرتين تظللان جو السورة:
؟ حقيقة وحدة الرسالة والرسل ووحدة دعوتهم ووقفتهم أمة واحدة فى مواجهة الجاهلية المكذبة بدين الله - عز وجل - على اختلاف الأمكنة والازمان
؟ وحقيقة نعمة الله على البشر وزيادتها بالشكر ومقابلة أكثر الناس لها بالجحود والكفران (١)
فى سياق الحقيقة الأولى جاء تشبيه أعمال الذين كفروا بالرَّماد معقبا به على موقف الذين كفروا من جميع الرسل:
﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ (ابراهيم: ٩)

(١) - سيد قطب: في ظلال القرآن: ٤/ ٢٠٧٧


الصفحة التالية
Icon