وإذا كانت معرفة معاني الكلمات والصِّيغ الجارية فى هذه التشبيهات متوقفة على معرفة السياق الذى جرت فيه؛ لأنَّ السياق هو الجذر الذى أمدها بالحياه والأسرار وهو الأرومة والمعدن الذى اليه يُرَدُّ الأمر فان تحرير المقصود الأعظم للسورة متوقف على معرفة معاني الكلمات والصيعِ الجارية فيها من خلال سياقها فالمقصود الأعظم له سلطان على السياق وما يدرج عليه من كلماتٍ وتراكيب وصور إلاَّ أنَّ معرفته وتحريره ينبثقان من معرفة السياق والكلمات والتراكيب والصور؛ لأنَّ ذلك أجلى مظهراً وأقرب إدراكاً. ولذلِكَ لا يَتَأَتَّى تَحْريرُ "المقْصُود الأعظم" من بادئ النَّظر والتأمّل، بل يكونُ ذلك من بعد تردِيدٍ للنَّظرِ، وكلّمَا ازداد المرءُ نظرًا فِي السِّياقِ والتراكيب، وانْمَاط التصوير وفنون التحبيرازدادَ قُرْبًا مٍِن تَحرير "المقصُود الأعظم"
وهذا وأن كان غير يسير فان طول الصحبة وإخلاصها استبصار وامتلاك بعض من ذلك.
***
وأنت إذا ما نظرت فيما جاءنا عن أبي الحسن: علي بن عيسى الرمّانيّ " (ت: ٣٨٦هـ) مثلا في تدبر التشبيه في القرآن الكريم في رسالته (النكت في إعجاز القرآن) (١)
وقد عني أهل العلم بالنظر فيما جاء فيها، فكان لشيخنا " أبو موسى " تحليلٌ ضمنه كتابه (الإعجاز البلاغي: دراسةتحليلة اتراث أهل العلم) نشرته مكتبة وهبة: ١٤٠٥، (ص: ٨١-١٥٣). وكان من قبل قد توفَّر على دراسة جهود الرماني في بلاغة القرآن الكريم "الصديق عبده زايد سنة: ١٩٧٥، فنال درجة التخصص من كلية اللعة العربية بالقاهرة، وقد نشرها بعد أكثر من خمس وعشرين سنة في مجلة الكلية نفسها العدد التاسع عشر والعشرين: (ص ٥٥٨ –ج١ – ع: ٢٠- سنة١٤٢٢) وكان أستاذنا الشيخ " كامل الخولى" قد تناول هذه الرسالة بالتحليل في سفره القيّم (أثر القرآن في تطور البلاغة العربية) (ص: ٧٩-١٠٩) ط: ١٣٨١ومن قبلُ تناولها بالدرس: الدكتور محمد زغلول سلام في كتابه (اثر القرآن في تطور النقد العربي) (ص: ٢٣٤-٢٥٥) ط: دار المعرف: ١٩٦٨وما يزال في الرسالة ما يمكن لطالب العلم أن يستنبطه، فكم ترك الأول للآخر من الخير في معادن العلم ومكانزه.