حاول أن تستخلص قصة " موسى" - عليه السلام - فى السور الثلاثة وكيف تكاملت تكاملا يمتد ترتيبا بتكليف موسى - عليه السلام - بالرسالة وأن يأتى القوم الظالمين، بينما بدأت فى سورة " النمل" وهى السورة الثانية بقصة " موسى" - عليه السلام - مع أهله، وأنَّه آنس بمن جانب الطور نارا، وأنَّه سيأتيهم منها بخبر، ثُمَّ كان لقاؤه بربِّه - سبحانه وتعالى - واعداده للنبوة، وإظهار المعجزات له وسماعه نداء ربه - عز وجل -: ﴿يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (النمل: ٩) وألقَى عصاه ورآها تهتز، وأخرج يده إلى آخره، وهذا الجزء سابق للجزء الذى جاء فى " الشعراء "؛ لأنَّه قبل الأمر بالذهاب إلى فرعون، ثم جاءت " القصص" وهى السورة الثالثة والأخيرة فى (الطواسيم) وتبدأ بقصة " موسى" - عليه السلام - مع طفولته: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (القصص: ٧)
وكأنَّنا مع ترتيب تنازلى يتقدم فى السورة إلى الأمام، وفى القصة إلى الخلف، وهكذا إذا حلَّلت بقية المعاني وجدت من خبرها مالا تعرف، وما يحتاج إلى تحليل وتدبر، حتى تستطيع شرح المذهب الذى يثبت عليه القصة فى السور الثلاثة.
وقد ذكرت قصة "موسى"؛ لأنَّ القصة أظهر فى الذى أريده وفى المعانى والأحكام والمواعظ والعقائد وغير ذلك من المقاصد ما فى القصة، ويجري على هذه المعانى فى تنوعها، وترتيبها، وتكاملها ما يجرى على القصة، وقل مثل ذلك فى " الحواميم " (١)