وهذا تراه جليًا في تسمية السورة بالسنام، والذروة، والفسطاط، فإنَّ الفسطاط جامعٌ لما كان منه بسبب.
وإذا ما جاء " البقاعيّ " لتبيان المقصود الأعظم من سورة (آل عمران) فإنَّه يبسط القول في هذا:
يبيّن لنا ما كان قد ظهرله أوَّل الأمر في تاويلها، فلمَّا راجع وبالغ التدبّر تبين له تحرير مقصودها على نحو آخر، وهو يبسط القول، فيبين علاقة مقصود سورة (آل عمران) بمقصود سورة (البقرة) ومقصودهما معا بمقصود سورة (الفاتحة) بل إنه ليبسط النظر أكثر، فيمدُّه إلى مقصود سورة (النساء).
يقول:" المقاصد التي سيقت لها هذه السورةُ إثبات الوحدانية لله سبحانه وتعالى، وإلإخبار بأنَّ رئاسةَ الدُّنْيَا بالأموال والأولاد وغيرهما مما آثره الكفار على الإسلام غير مغنية عنهم شيئًا في الدنيا، ولا في الآخرة، وأنَّ ما أعدَّ للمتقين من الجنَّةِ والرضوان هو الذي يَنْبغِي الإقبالُ عليْهِ والمسارعةُ إليهِ.
وفي وصف المتقين بالإيمان والدعاء والصبر والصدق والقنوت والإنفاق والاستغفار ما ينعطف عليه كثير من أفانين أساليب هذه السورة.
هذا ما كان ظهر لي أولاً.
وأحسنُ منه أن نخصَّ القصدَ الأول وهو التوحيد بالقصد فيها، فإنَّ الأمرين الأخيرين يرجعان إليه، وذلك؛ لأنَّ الوصف بالقيومية يقتضي القيام بالاستقامة، فالقيام يكون على كلّ نفسٍ، والاستقامة العدلُ...
وهذا الوجه أوفق للترتيب
لأنَّ " الفاتحة " لماَّ كانت جامِعةً للدين إجمالاً جاء ما به التفصيلُ محاذِيًا لذلك، فابتدئ بسورة الكتاب [البقرة] المحيط بأمرالدين، ثُمّ بسورة التوحيد [آل عمران] الذي هو سرُّ حرف "الحمد"، وأوَّل حروف الفاتحة، لأن التوحيد هو الأمر الذي لايقوم بناءٌ إلاَّ عليه، ولمَّا صحَّ الطريقُ، وثبت الأساسُ جاءت التي بعدها [النساء] داعيةً إلى الاجتماع على ذلك.