التطبيق يسْطِيعُه ناشئٌ قد لايملك التّحصُّنَ ممَّا قدْ يَأْتَلِقُ من المنهاج الذي بين يديه؛ لأنَّه يمكث قي المنهج، فيأسره، ولا يملك أن يَجُوسَ خلاله يَسْتَكْشِفُ عَوَارَهُ، فإذا هو بتطبيقه يلقِي على ذلك المنهاجِ طَيْلَسَانَ التّقديس... والتجريب لايقوم به إلا مُتَمكّنُ من استيصارِ أبعاد المنهاج الذي بين يديه نافذ البصيرة فيه، فلا يسيطرُ المنهاج علَيْهِ؛ لأنه لا يمكث في المنهاج بل يقيمه بين ناظريه، يتفرَّسُهُ فيقوم ويسدّد.
صاحب المنهاج هو أقرب إلى التطبيق منه إلى التجريب مالم يكن فحلا، ذلك انَّ صاحبَ المنهاجِ وثيق الاعتلاق بما وضع من أصوله ومعالمه، إذ هو وليد قلبه ولسانه، فقد يغفُل، فلا يفتش عمّا فيه من خَلَلٍ، وذلك غير حميد، وإنجاز التجريب من الآخر آمَنُ عُقْبَى، وأوفرُ ثمرًا
والربّانيون من أهل العلْم لا يحملون تلاميذهم على مناهجهم، بل يحملونهم إليها حمل إبانة، ويغرونهم بالمناقدة المؤسَّسة على عرفانٍ نافذٍ محيط بما هم قائمون له، ويذكرونهم بأنَّهم في سياق المناقدة والتفتيش عن الأعلى والأزكى والأذكى (الأكمل) قائمون في طاعة سيدهم النبي المكرم سيدنا محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مؤذنًا فينا:
«لا تكونُوا إِمّعَةً:
تقُولُونَ: إِنْ أحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وإنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإنْ أَسَاءوا فَلا تَظْلِمُوا»
(رواه الترمِذي: كتاب البِرّ - حديث: ٢٠٠٧)