﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ (غافر: ٢)
﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ (فصلت: ٢)
﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت: ٤٢)
فكلُّ هذه الآيات دالةٌ على أنَّ القرآنَ الكريم لم تجمع آياته فى سوره بين دفتيه جمعًا غير حكيم، فإبراز وصف العِزَّة والحِكمَة والعِلم والرحمة وربوبيته العالمين وإبراز أنَّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإبراز الحديث عن مظاهر من عالم الخلق لا يخْفى اتساقها وتناسبها وتأخيها وتناغيها فى مرأى العين، وإبراز أنَّه ليس بقول شاعر ولا قول كاهن، كُلُّ ذلك آياتٌ بيناتٌ على أنَّ القرآن الكريم فى جمل آياته وآيات سوره وفى جميع سوره متناسب متناغم متآخٍ محكم.
ولو أنَّ الإنس والجن والخلق أجمعين تظاهروا على أن يلمحوا مجرد لمح أىَّ فرق بين تناسق وتناسب وتآخي وتناغي آيات سورةٍ أنزلت منجمة فى عِدَّةِ أعوام كسورة " البقرة " وسورة أنزلت جملة واحدة كسورة " الأنعام " – على ما يذهب إليه بعض أهل العلم - أو أن يلمحوا الفرق بين آيات النصف الأول والنصف الثانى فى سور نزل نصفها الأول جملة، ثُمَّ نزل نصفها الآخر جملة، كمثل سورة (العلق)، ولو أنّهم أجمعين تظاهروا على أن ينسقوا آيات سورة من القرآن الكريم على نحو آخر غير الذى هى عليه منذ أن لحق رسول الله - - ﷺ - بالرفيق الأعلى إلى يومنا هذا والى أن تقوم الساعة أو أن يضيفوا إليه آية أو يحذفوا منه آية لتجَلّى للعالمين شَنَارُ صنيعهم ولأدرك كل من له علم بالإسلام والعربية أن ما فعلوا ظاهر العوار، بيّنَ الفَضِيحَةِ.
فهم ليسوا بالعاجزين عن الإتيان بسورة من مثله فحسب بل هم العاجزون عن أن يعيدوا نسق آيات سورة من سوره على نحو آخر يحفظ لها بلاغتها وإعجازها في هديها.


الصفحة التالية
Icon