وإذا ما كان بعضُ أهل العلم قد استطاع أن يدُسَّ فى بعض قصائد الجاهلين أبياتا أو استطاع أن ينتحل على بعض الشعراء قصائد تامة مما هو معروف فى مظانّه، فإنَّ أهل العلم بالشعر قد مازُوا النَّسيب من الزَّنيم، ولم يخف عليهم ما انتحل. (١)
هذا فى الكلمة الشاعرة التى يأتيها الباطل بين يديها ومن خلفها، فكيف بالكلمة المعجزة كلمة العزيز الحكيم العليم الحميد؟ !!!
والذى لا ريب فيه أن سور القرآن الكريم ولاسيما السبع الطُّول والمئيين إنّما هى ذات معانٍ كليّة ومعانٍ جزئية تمثل الجملة والآية المعنى الجزئى الذى هو عنصر من عناصر تكوين المعنى الكُلّيّ الذى يشكِّلُ معقِدًا من فصول ومعاقد السورة.
والسورة القرآنية فى تشكيل جملِها وآياتها معاقد بمعانيها الكليّة التى يتولى كُلُّ معقد منها تبيان قضية من قضايا الوحى تستوجب أن يكون على بال من المستمع والمتفهم الالتفات إلى أول الكلام وآخره بحسب القضية وما اقتضاه الحال فيها، لا ينظر فى أولها دون آخرها، ولا فى آخرها دون أولها، فإنَّ القضية وأن اشتملت على جمل، فبعضها متعلِّق بالبعض؛ لأنَّها قضية واحدة نازلة فى شئ واحد، فلا محيص للمتفهِّم عن رَدِّ آخر الكلام على أوَّله وأوَّله على آخره " (٢)

(١) - يقول "ابن سلاّم الجمحي ": "وليس يشكلُ علَى أهلِ العلم زيادة الرّواة، ولا ما وضعوا، ولا ما وضعَ المولدون، وإنّما عضَل بهم أن يقول الرجل من أهلِ البادية من ولد الشعراء أو الرجل ليس من ولدهم، فيشكل ذلك بعض الإشكال "
طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي: ١/٤٦-٤٧- ت: شاكر
(٢) - الموافقات في أصول الشريعة: للشاطبي: ٣/٤١٣- تح: عبد الله دراز


الصفحة التالية
Icon