وغاية البيانيِّ المعنى القرآنيُّ في كماله وامتداده، والذي بِه تتحقق الدلالة على أنَّ القرآن الكريم آية النبوة المحمدية، وهذا لا يتحقق إلا بامتداد النظر في سياق السورة والسُّوَرِ، ذلك أنَّ الوقوفَ على أوجه الإعجاز القرآنيّ وما تزخر به كلّ سورة من الرقائق والدقائق واللطائف لا يَتِمُّ إلاَّ بالنَّظرِ فى أوَّل السورة وآخرها و" إلا بعد استيفاء جميعها بالنظر، فالاقتصارعلى بعضها فيه غير مفيد غاية المقصود، كما أن الاقتصار على بعض الآية فى استفادة حكم ما لا يفيد إلا بعد كمال النظر فى جميعها. (١)
وإذا ما كان النظرفى الآية كلها أوفى جملة من الآيات يمكن اكتساب الوقوف على المعنى الجُمهوريّ فيها، فإنَّ ما فى هذه الآية أو الجملة من الآيات من المعانى الإحسانية التى هى مطمحُ أهل التُّقَى والإحسان لا يمكن استبصار شىء منه إلا بالتدبر للوجود الجمعيّ (النصِّيِّ) للسورة كلها.
ولذلك أمر الرسول - ﷺ - فيما رواه عبد الرزاق - رضي الله عنه - فى "المُصَنّف " سيدنا " بلالا " - رضي الله عنه - حين سمعه يخلط فيقرأ من هذه السورة آيات ومن تلك السورة آيات، فقال له: اقرأ كلَّ سورة على نحوها (المصنف: كتاب الصلاة – قراءة الليل) وفى رواية أخرى إذا قرأت السورة فأنفذها) (٢)
(٢) - الزركشي: البرهان: ١/٤٦٩، والبقاعي: مصاعد النظر: ١/٤٥٠