"""""" صفحة رقم ٤٧٥ """"""
والإزالة أي يميلونه ويزيلونه عن مواضعه ويجعلون مكانه غيره أو المراد أنهم يتأولونه على غير تأويله وذمهم الله عز وجل بذلك لأنهم يفعلونه عنادا وبغيا وتأثيرا لغرض الدنيا قوله ) ويقولون سمعنا وعصينا ( أي سمعنا قولك وعصينا أمرك ) واسمع غير مسمع ( أي اسمع حال كونك غير مسمع وهو يحتمل ان يكون دعاء على النبي ( ﷺ ) والمعنى اسمع لا سمعت ويحتمل ان يكون المعنى اسمع غير مسمع مكروها أو اسمع غير مسمع جوابا وقد تقدم الكلام في راعنا ومعنى ) ليا بألسنتهم ( أنهم يلوونها عن الحق أي يميلونها إلى ما في قلوبهم واصل اللى الفتل وهو منتصب على المصدر ويجوز ان يكون مفعولا لأجله قوله ) وطعنا في الدين ( معطوف على ليا أي يطعنون في الدين بقولهم لو كان نبيا لعلم أنا نسبه فأطلع الله سبحانه نبيه ( ﷺ ) على ذلك ) ولو أنهم قالوا سمعنا ( قولك ) وأطعنا ( أمرك ) واسمع ( ما نقول ) وانظرنا ( أي لو قالوا هذا مكان قولهم راعنا ) لكان خيرا لهم ( مما قالوا ) وأقوم ( أي اعدل وأولى من قولهم الأول وهو قولهم ) سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ( لما في هذا من المخالفة وسوء الأدب واحتمال الذم في راعنا ) ولكن ( لم يسلكوا المسلك الحسن ويأتوا بما هو خير لهم وأقوم ولهذا ) لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ( أي إلا إيمانا قليلا وهو الإيمان ببعض الكتب دون بعض وببعض الرسل دون بعض
النساء :( ٤٧ ) يا أيها الذين.....
قوله ) يا أيها الذين أوتوا الكتاب ( ذكر سبحانه أولا أنهم أوتوا نصيبا من الكتاب وهنا ذكر أنهم أوتوا الكتاب والمراد أنهم أوتوا نصيبا منه لأنهم لم يعملوا بجميع ما فيه بل حرفوا وبدلوا وقوله ) مصدقا ( منتصب على الحال والطمس استئصال اثر الشيء ومنه وإذا النجوم طمست يقال نطمس بكسر الميم وضمها لغتان في المستقبل ويقال طمس الثر أي محاه كله ومنه ربا اطمس على أموالهم أي اهلكها ويقال هو مطموس البصر ومنه ولو نشاء لطمسنا على اعينهم أي اعميناهم و اختلف العلماء في المعنى المراد بهذه الآية هل هو حقيقة فيجعل الوجه كالقفا فيذهب بالأنف والفم والحاجب والعين أو ذلك عبارة عن الضلالة في قلوبهم وسلبهم التوفيق فذهب إلى الأول طائفة وذهب إلى الآخر آخرون وعلى الأول فالمراد بقوله ) فنردها على أدبارها ( نجعلها قفا أي نذهب بآثار الوجه وتخطيطه حتى يصير على هيئة القفا وقيل انه بعد الطمس يردها إلى موضع القفا والقفا إلى مواضعها وهذا هو ألصق بالمعنى الذي يفيده قوله ) فنردها على أدبارها ( فإن قيل كيف جاز ان يهددهم بطمس الوجوه إن لم يؤمنوا ولم يفعل ذلك بهم فقيل انه لما آمن هؤلاء ومن اتبعهم رفع الوعيد عن الباقين وقال المبرد الوعيد باق منتظر وقال لا بد من طمس في اليهود ونسخ قبل يوم القيامة قوله ) أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت ( الضمير عائد إلى أصحاب الوجوه قيل المراد باللعن هنا المسخ لأجل تشبيه بلعن أصحاب السبت وكان لعن السبت مسخهم قردة وخنازير وقيل المراد نفس اللعنة وهم ملعونه بكل لسان والمراد وقوع أحد الأمرين إما الطمس أو اللعن وقد وقع اللعن ولكنه يقوى الأول تشبيه هذا اللعن بلعن أهل السبت قوله ) وكان أمر الله مفعولا ( أي كائنا موجودا لا محالة أو يراد بالأمر المأمور والمعنى انه متى أراده كان كقوله أنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
النساء :( ٤٨ ) إن الله لا.....
قوله ) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( هذا الحكم يشمل جميع طوائف الكفار من أهل الكتاب وغيرهم ولا يختص بكفار أهل الحرب لأن اليهود قالوا عزير ابن الله وقالت النصاري المسيح ابن الله وقالوا ثالث ثلاثة ولا خلاف بين المسلمين ان المشرك إذا مات على شركه لم يكن من أهل المغفرة التي تفضل الله بها على غير أهل الشرك حسبما تقتضيه مشيئته وأما غير أهل الشرك من عصاة المسلمين فداخلون تحت المشيئة يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء قال ابن جرير قد أبانت هذه الآية أن كل صاحب كبيرة في مشيئة الله عز وجل إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه ما لم تكن كبيرته شركا بالله عز وجل وظاهره ان المغفرة منه سبحانه تكون