"""""" صفحة رقم ٤٥٢ """"""
وانتقامه آمنتم حين لا ينفعكم هذا الإيمان شيئا ولا يدفع عنكم ضرا وقيل إن هذه الجملة ليست داخلة تحت القول المأمور به وأنها من قول الملائكة استهزاء بهم وإزراء عليهم والأول أولى وقيل إن ثم ها هنا هى بفتح الثاء فتكون ظرفية بمعنى هناك والأول أولى قوله ) آلآن وقد كنتم به تستعجلون ( قل هو استئناف بتقدير القول غير داخل تحت القول الذى أمر الله رسوله ( ﷺ ) أن يقول لهم أي قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به وقد كنتم به تستعجلون أي بالعذاب تكذيبا منكم واستهزاء لأن استعجالهم كان على جهة التكذيب والاستهزاء ويكون المقصود بأمره ( ﷺ ) أن يقول لهم هذا القول التوبيخ لهم والاستهزاء بهم والإزراء عليهم وجملة ) وقد كنتم به تستعجلون ( في محل نصب على الحال وقريء آلان بحذف الهمزة التى بعد اللام وإلقاء حركتها على اللام
يونس :( ٥٢ ) ثم قيل للذين.....
قوله ) ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد ( معطوف على الفعل المقدر قيل آلآن والمراد منه التقريع والتوبيخ لهم أي قيل للذين ظلموا أنفسهم بالكفر وعدم الإيمان إن هذا الذى تطلبونه ضرر محض عار عن النفع من كل وجه والعاقل لا يطلب ذلك ويقال لهم على سبيل الإهانة لهم ذوقوا عذاب الخلد أي العذاب الدائم الذى لا ينقطع والقائل لهم هذه المقالة والتى قبلها قيل هم الملائكة الذين هم خزنة جهنم ولا يبعد أن يكون القائل لذلك هم الأنبياء على الخصوص أو المؤمنون على العموم ) هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ( في الحياة من الكفر والمعاصي والاستفهام للتقرير وكأنه يقال لهم هذا القول عن استغاثتهم من العذاب وحلول التقمة
يونس :( ٥٣ ) ويستنبئونك أحق هو.....
م حكى الله سبحانه عنهم بعد هذه البيانات البالغة والجوابات عن أقوالهم الباطلة أنهم استفهموا تارة أخرى عن تحقق العذاب فقال ) ويستنبئونك أحق هو ( أي يستخبرونك عن جهة الاستهزاء منهم والإنكار أحق ما تعدنا به من العذاب في العاجل والآجل وهذا السؤال منهم جهل محض وظلمات بعضها فوق بعض فقد تقدم ذكره عنهم مع الجواب عليه فصنيعهم في هذا التكرير صنيع من لا يعقل ما يقول ولا ما يقال له وقيل المراد بهذا الاستخبار منهم هو عن حقية القرآن وارتفاع حق على انه خبر مقدم والمبتدأ هو الضمير الذى بعده وتقديم الخبر للاهتمام أو هو مبتدأ والضمير مرتفع به ساد مسد الخبر والجملة في موضع نصب بيستنبئونك وقرئ آلحق هو على أن اللام للجنس فكأنه قيل أهو الحق لا الباطل
قوله ) قل إي وربي إنه لحق ( أمر الله سبحانه رسوله ( ﷺ ) أن يقول لهم هذه المقالة جوابا عن استفهامهم الخارج مخرج الاستهزاء أي قل لهم يا محمد غير ملتفت إلى ما هو مقصودهم من الاستهزاء أى وربي إنه لحق أي نعم وربي إن ما أعدكم به من العذاب لحق ثابت كائن لا محالة وفي هذا الجواب تأكيد من وجوه الأول القسم مع دخول الحرف الخاص بالقسم الواقع موقع نعم الثاني دخول إن المؤكدة الثالث اللام في لحق الرابع إسمية الجملة وذلك يدل على أنهم قد بلغوا في الإنكار والتمرد إلى الغاية التى ليس وراءها غاية ثم توعدهم بأشد توعد ورهبهم بأعظم ترهيب فقال ) وما أنتم بمعجزين ( أي فائتين العذاب بالهرب والتحيل الذى لا ينفع والمكابرة التى لا تدفع من قضاء الله شيئا وهذه الجملة إما معطوفة على جملة جواب القسم أو مستأنفة لبيان عدم خلوصهم من عذاب الله بوجه من الوجوه
يونس :( ٥٤ ) ولو أن لكل.....
ثم زاد في التأكيد فقال ) ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به ( أي ولو أن لكل نفس من الأنفس المتصفة بأنها ظلمت نفسها بالكفر بالله وعدم الإيمان به ما في الأرض من كل شيء من الأشياء التى تشتمل عليها من الأموال النفيسة والذخائر الفائقة لافتدت به أي جعلته فدية لها من العذاب ومثله قوله تعالى ) إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ( وقد تقدم قوله ) وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ( الضمير راجع إلى الكفار الذين سياق الكلام معهم