"""""" صفحة رقم ١١٣ """"""
وما لا نظهره وقدم ما نخفى على ما نعلن للدلالة على أنهما مستويان فى علم الله سبحانه وظاهر النظم القرآنى عموم كل ما لا يظهر وما يظهر من غير تقييد بشيء معين من ذلك وقيل المراد ما يخفيه إبراهيم من وجده بإسماعيل وأمه حيث أسكنهما بواد غير ذى زرع وما يعلنه من ذلك وقيل ما يخفيه إبراهيم من الوجد ويعلنه من البكاء والدعاء والمجيء بضمير الجماعة يشعر بأن إبراهيم لم يرد نفسه فقط بل أراد جميع العباد فكأن المعنى أن الله سبحانه يعلم بكل ما يظهره العباد وبكل ما لا يظهرونه وأما قوله ) وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء ( فقال جمهور المفسرين هو من كلام الله سبحانه تصديقا لما قاله إبراهيم من أنه سبحانه يعلم بما يخفيه العباد وما يعلنونه فقال سبحانه وما يخفى على الله شيء من الأشياء الموجودة كائنا ما كان وإنما ذكر السموات والأرض لأنها المشاهدة للعباد وإلا فعلمه سبحانه محيط بكل ما هو داخل فى العالم وكل ما هو خارج عنه لا تخفى عليه منه خافية قيل ويحتمل أن يكون هذا من قول إبراهيم تحقيقا لقوله الأول وتعميما بعد التخصيص
إبراهيم :( ٣٩ ) الحمد لله الذي.....
ثم حمد الله سبحانه على بعض نعمه الواصلة إليه فقال ) الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق ( أى وهب لى على كبر سنى وسن امرأتى قيل ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة وولد له إسحاق وهو ابن مائة واثنتى عشرة سنة قيل و على هنا بمعنى مع أى وهو لى مع كبرى ويأسى عن الولد ) إن ربي لسميع الدعاء ( أى لمجيب الدعاء من قولهم سمع كلامه إذا أجابه واعتد به وعمل بمقتضاه وهو من إضافة الصفة المتضمنة للمبالغة إلى المفعول والمعنى إنك لكثير إجابة الدعاء لمن يدعوك
إبراهيم :( ٤٠ ) رب اجعلني مقيم.....
ثم سأل الله سبحانه بأن يجعله مقيم الصلاة محافظا عليها غير مهمل لشيء منها ثم قال ) ومن ذريتي ( أى بعض ذريتى أى اجعلنى واجعل بعض ذريتى مقيمين للصلاة وإنما خص البعض من ذريته لأنه علم أن منهم من لا يقيمها كما ينبغى قال الزجاج أى اجعل من ذريتى من يقيم الصلاة ثم سأل الله سبحانه أن يتقبل دعاءه على العموم ويدخل فى ذلك دعاؤه فى هذا المقام دخولا أوليا قيل والمراد بالدعاء هنا العبادة فيكون المعنى وتقبل عبادتى التى أعبدك بها ثم طلب من الله سبحانه أن يغفر له ما وقع منه مما يستحق أن يغفره الله وإن لم يكن كبيرا لما هو معلوم من عصمة الأنبياء عن الكبائر
إبراهيم :( ٤١ ) ربنا اغفر لي.....
ثم طلب من الله سبحانه أن يغفر لوالديه وقد قيل إنه دعا لهما بالمعفرة قبل أن يعلم أنهما عدوان لله سبحانه كما فى قوله سبحانه ) وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ( وقيل كانت أمه مسلمة وقيل أراد بوالديه آدم وحواء وقرأ سعيد بن جبير ولوالدى بالتوحيد على إرادة الأب وحده وقرأ إبراهيم النخعى ولوالدى يعنى إسماعيل وإسحاق وكذا قرأ يحيى بن يعمر ثم استغفر للمؤمنين وظاهره شمول كل مؤمن سواء كان من ذريته أو لم يكن منهم وقيل أراد المؤمنين من ذريته فقط ) يوم يقوم الحساب ( أى يوم يثبت حساب المكلفين فى المحشر استعير له لفظ يقوم الذى هو حقيقته فى قيام الرجل للدلالة على أنه فى غاية الاستقامة وقيل إن المعنى يوم يقوم الناس للحساب والأول أولى
وقد أخرج ابن جرير عن مجاهد فى قوله ) وإذ قال إبراهيم ( الآية قال فاستجاب الله لإبراهيم دعوته فى ولده فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته واستجاب الله له وجعل هذا البلد آمنا ورزق أهله من الثمرات وجعله إماما وجعل من ذريته من يقيم الصلاة وتقبل دعاءه فأراه مناسكه وتاب عليه وأخرج أبو نعيم فى الدلائل عن عقيل بن أبي طالب أن النبى ( ﷺ ) لما أتاه الستة النفر من الأنصار جلس إليهم عند جمرة العقبة فدعاهم إلى الله وإلى عبادته والمؤازرة على دينه فسألوه أن يعرض عليهم ما أوحى إليه فقرأ من سورة إبراهيم ) وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ( إلى آخر السورة فرق


الصفحة التالية
Icon