"""""" صفحة رقم ١١٦ """"""
على أنه مفعول ثان لأنذر ) فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب ( المراد بالذين ظلموا ها هنا هم الناس أى فيقولون والعدول إلى الإظهار مكان الإضمار للإشعار بأن الظلم هو العلة فيما نزل بهم هذا إذا كان المراد بالناس هم الكفار وعلى تقدير كون المراد بهم من يعم المسلمين فالمعنى فيقول الذين ظلموا منهم وهم الكفار ربنا أخرنا أمهلنا إلى أجل قريب إلى أمد من الزمان معلوم غير بعيد ) نجب دعوتك ( أى دعوتك لعبادك على ألسن أنبيائك إلى توحيدك ) ونتبع الرسل ( المرسلين منك إلينا فنعمل بما بلغوه إلينا من شرائعك ونتدارك ما فرط منا من الإهمال وإنما جمع الرسل لأن دعوتهم إلى التوحيد متفقة فاتباع واحد منهم اتباع لجميعهم وهذا منهم سؤال للرجوع إلى الدنيا لما ظهر لهم الحق فى الآخرة ) ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ( ثم حكى سبحانه ما يجاب به عنهم عند أن يقولوا هذه المقالة فقال ) أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ( أى فيقال لهم هذا القول توبيخا وتقريعا أى أو لم تكونوا أقسمتم من قبل هذا اليوم ما لكم من زوال من دار الدنيا وقيل إنه لا قسم منهم حقيقة وإنما كان لسان حالهم ذلك لاستغراقهم فى الشهوات وإخلادهم إلى الحياة الدنيا وقيل قسمهم هذا هو ما حكاه الله عنهم فى قوله ) وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ( وجواب القسم ) ما لكم من زوال ( وإنما جاء بلفظ الخطاب فى ما لكم من زوال لمراعاة أقسمتم ولولا ذلك لقال ما لنا من زوال
إبراهيم :( ٤٥ ) وسكنتم في مساكن.....
) وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم ( أى استقررتم يقال سكن الدار وسكن فيها وهى بلاد ثمود ونحوهم من الكفار الذين ظلموا أنفسهم بالكفر بالله والعصيان له ) وتبين لكم كيف فعلنا بهم ( قرأ عبد الرحمن السلمى نبين بالنون والفعل المضارع وقرأ من عداه بالتاء الفوقية والفعل الماضى أى تبين لكم بمشاهدة الآثار كيف فعلنا بهم من العقوبة والعذاب الشديد بما فعلوه من الذنوب وفاعل تبين ما دلت عليه الجملة المذكورة بعده أى تبين لكم فعلنا العجيب بهم ) وضربنا لكم الأمثال ( فى كتب الله وعلى ألسن رسله إيضاحا لكم وتقريرا وتكميلا للحجة عليكم
إبراهيم :( ٤٦ ) وقد مكروا مكرهم.....
) وقد مكروا مكرهم ( الجملة فى محل نصب على الحال أى فعلنا بهم ما فعلنا والحال أنهم قد مكروا فى رد الحق وإثبات الباطل مكرهم العظيم الذى استفرغوا فيه وسعهم ) وعند الله مكرهم ( أى وعند الله جزاء مكرهم أو وعند الله مكتوب مكرهم فهو مجازيهم أو وعند الله مكرهم الذى يمكرهم به على أن يكون المكر مضافا إلى المفعول قيل والمراد بهم قوم محمد ( ﷺ ) مكروا بالنبى ( ﷺ ) حين هموا بقتله أو نفيه وقيل المراد ما وقع من النمروذ حيث حاول الصعود إلى السماء فاتخذ لنفسه تابوتا وربط قوائمه بأربعة نسور ) وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ( قرأ عمر وعلي وابن مسعود وأبى وإن كاد مكرهم بالدال المهملة مكان النون وقرأ غيرهم من القراء وإن كان بالنون وقرأ ابن محيصن وابن جريج والكسائى لتزول بفتح اللام على أنها لام الابتداء وقرأ الجمهور بكسرها على أنها لام الجحود قال ابن جرير الاختيار هذه القراءة يعنى قراءة الجمهور لأنها لو كانت زالت لم تكن ثابتة فعلى قراءة الكسائى ومن معه تكون إن هى المخففة من الثقيلة واللام هى الفارقة وزوال الجبال مثل لعظم مكرهم وشدته أى وإن الشأن كان مكرهم معدا لذلك قال الزجاج وإن كان مكرهم يبلغ فى الكيد إلى إزالة الجبال فإن الله ينصر دينه وعلى قراءة الجمهور يحتمل وجهين أحدهما أن تكون إن هى المخففة من الثقيلة والمعنى كما مر والثاني أن تكون نافية واللام المكسورة لتأكيد النفى كقوله ) وما كان الله ليضيع إيمانكم ( والمعنى ومحال أن تزول الجبال بمكرهم على أن الجبال مثل لآيات الله وشرائعه الثابتة على حالها مدى الدهر فالجملة على هذا حال من الضمير فى مكروا لا من قوله ) وعند الله مكرهم ( أى والحال أن مكرهم لم يكن لتزول منه الجبال


الصفحة التالية
Icon