"""""" صفحة رقم ١٦١ """"""
أن ينزل عليهم ملكا من السماء يشهد على صدقه فى إدعاء النبوة فقال هل ينظرون فى تصديق نبوتك ) إلا أن تأتيهم الملائكة ( شاهدين بذلك ويحتمل أن يقال إنهم لما طعنوا فى القرآن بأنه أساطير الأولين أو عدهم الله بقوله ) هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة ( لقبض أرواحهم ) أو يأتي أمر ربك ( أى عذابه فى الدنيا المستأصل لهم أو المراد بأمر الله القيامة وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائى وخلف ؟ إلا أن يأتيهم الملائكة ؟ بالياء التحتية وقرأ الباقون بالمثناة الفوقية والمراد بكونهم ينظرون أى ينتظرون إتيان الملائكة أو إتيان أمر الله على التفسير الآخر أنهم قد فعلوا فعل من وجب عليه العذاب وصار منتظرا له وليس المراد أنهم ينتظرون ذلك حقيقة فإنهم لا يؤمنون بذلك ولا يصدقونه ) كذلك فعل الذين من قبلهم ( أى مثل فعل هؤلاء من الإصرار على الكفر والتكذيب والاستهزاء فعل الذين خلوا من قبلهم من طوائف الكفار فأتاهم أمر الله فهلكوا ) وما ظلمهم الله ( بتدميرهم بالعذاب فإنه أنزل بهم ما استحقوه بكفرهم ) ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ( بما ارتكبوه من القبائح وفيه أن ظلمهم مقصور عليهم باعتبار ما إليه يئول
النحل :( ٣٤ ) فأصابهم سيئات ما.....
وجملة ) فأصابهم سيئات ما عملوا ( معطوفة على فعل الذين من قبلهم وما بينهما اعتراض وقيل فى الكلام تقديم وتأخير والتقدير كذلك فعل الذين من قبلهم فأصابهم سيئات ما عملوا وما ظلمهم الله والمعنى فأصابهم جزاء سيئات أعمالهم أو جزاء أعمالهم السيئة ) وحاق بهم ( أى نزل بهم على وجه الإحاطة ) ما كانوا به يستهزؤون ( أى العذاب الذى كانوا به يستهزئون أو عقاب استهزائهم
النحل :( ٣٥ ) وقال الذين أشركوا.....
) وقال الذين أشركوا ( هذا نوع آخر من كفرهم الذى حكاه الله عنهم والمراد بالذين أشركوا هنا أهل مكة ) لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء ( أى لو شاء عدم عبادتنا لشيء غيره ما عبدنا ذلك ) نحن ولا آباؤنا ( الذين كانوا على ما نحن عليه الآن من دين الكفر والشرك بالله قال الزجاج إنهم قالوا هذا على وجهة الاستهزاء ولو قالوه عن اعتقاد لكانوا مؤمنين وقد مضى الكلام على مثل هذا فى سورة الأنعام ) ولا حرمنا من دونه من شيء ( من السوائب والبحائر ونحوهما ومقصودهم بهذا القول المعلق بالمشيئة الطعن فى الرسالة أى لو كان ما قاله الرسول حقا من المنع من عبادة غير الله والمنع من تحريم ما لم يحرمه الله حاكيا ذلك عن الله لم يقع منا ما يخالف ما أراده منا فإنه قد شاء ذلك وما شاءه كان وما لم يشأه لم يكن فلما وقع منا العبادة لغيره وتحريم ما لم يحرمه كان ذلك دليلا على أن ذلك هو المطابق لمراده والموافق لمشيئته مع أنهم فى الحقيقة لا يعترفون بذلك ولا يقرون به لكنهم قصدوا ما ذكرنا من الطعن على الرسل ) كذلك فعل الذين من قبلهم ( من طوائف الكفر فإنهم أشركوا بالله وحرموا ما لم يحرمه وجادلوا رسله بالباطل واستهزءوا بهم ثم قال ) فهل على الرسل ( الذين يرسلهم الله إلى عباده بما شرعه لهم من شرائعه التى رأسها توحيده وترك الشرك به ) إلا البلاغ ( إلى من أرسلوا إليهم بما أمروا بتبليغه بلاغا واضحا يفهمه المرسل إليهم ولا يلتبس عليهم
النحل :( ٣٦ ) ولقد بعثنا في.....
ثم إنه سبحانه أكد هذا وزاده إيضاحا فقال ) ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ( كما بعثنا فى هؤلاء لإقامة الحجة عليهم ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ( و أن فى قوله ) أن اعبدوا الله ( إما مصدرية أى بعثنا بأن اعبدوا الله أو مفسرة لأن فى البعث معنى القول ) واجتنبوا الطاغوت ( أى اتركوا كل معبود دون الله كالشيطان والكاهن والصنم وكل من دعا إلى الضلال ) فمنهم ( أى من هذه الأمم التى بعث الله إليها رسله ) من هدى الله ( أى أرشده إلى دينه وتوحيده وعبادته واجتناب الطاغوت ) ومنهم من حقت عليه الضلالة ( أى وجبت وثبتت لإصراره على الكفر والعناد قال الزجاج أعلم الله أنه بعث الرسل بالأمر بالعبادة وهو من وراء الإضلال والهداية ومثل هذه الآية قوله تعالى ) فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ( وفى هذه الآية التصريح بأن الله أمر جميع عباده بعبادته واجتناب الشيطان وكل ما يدعو إلى الضلال وأنهم بعد ذلك


الصفحة التالية
Icon