"""""" صفحة رقم ١٦٦ """"""
بما خوف أتبعه ذكر ما يدل على كمال قدرته فى تدبير أحوال العالم العلوى والسفلى ومكانهما والاستفهام فى ) أو لم يروا ( للإنكار وما مبهمة مفسرة بقوله من شئ قرأ حمزة والكسائى وخلف ويحيى بن وثاب والأعمش تروا بالمثناة الفوقية على أنه خطاب لجميع الناس وقرأ الباقون بالتحتية بإرجاع الضمير إلى الذين مكروا السيئات وقرأ أبو عمرو ويعقوب ؟ تتفيؤا ضلاله ؟ بالمثناة الفوقية وقرأ الباقون بالتحتية واختارها أبو عبيد أى يميل من جانب إلى جانب ويكون أول النهار على حال ويتقلص ثم يعود فى آخر النهار على حالة أخرى قال الأزهرى تفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار فالتفيؤ لا يكون إلا بالعشى وما انصرف عنه الشمس والقمر والذى يكون بالغداة هو الظل وقال ثعلب أخبرت عن أبى عبيدة أن رؤبة قال كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فئ وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل ومعنى ) من شيء ( من شيء له ظل وهى الأجسام فهو عام أريد به الخاص وظلاله جمع ظل وهو مضاف إلى مفرد لأنه واحد يراد به الكثرة ) عن اليمين والشمائل ( أى عن جهة أيمانها وشمائلها أى عن جانبى كل واحد منها قال الفراء وحد اليمين لأنه أراد واحدا من ذوات الأظلال وجمع الشمائل لأنه أراد كلها لأن ما خلق الله لفظه مفرد ومعناه جمع وقال الواحدى وحد اليمين والمراد به الجميع إيجازا فى اللفظ كقوله ) ويولون الدبر ( ودلت الشمائل على أن المراد به الجمع وقيل إن العرب إذا ذكرت صيغتى جمع عبرت عن أحدهما بلفظ الواحد كقوله ) وجعل الظلمات والنور ( و ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وقيل المراد باليمين النقطة التى هى مشرق الشمس وأنها واحدة والشمائل عبارة عن الانحراف فى فلك الإظلال بعد وقوعها على الآرض وهى كثيرة وإنما عبر عن المشرق باليمين لأن أقوى جانبى الإنسان يمينه ومنه تظهر الحركة القوية ) سجدا لله ( منتصب على الحال أى حال كون الظلال سجدا لله قال الزجاج يعنى أن هذه الأشياء مجبولة على الطاعة وقال أيضا سجود الجسم انقياده وما يرى من أثر الصنعة ) وهم داخرون ( فى محل نصب على الحال أى خاضعون صاغرون والدخور الصغار والذل يقال دخر الرجل فهو داخر وأدخره الله قال الشاعر فلم يبق إلا داخر فى مخيس
ومتحجر فى غير أرضك فى حجر
النحل :( ٤٩ ) ولله يسجد ما.....
ومخيس اسم سجن كان بالعراق ) ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة ( أى له وحده يخضع وينقاد لا لغيره ما فى السموات جميعا وما فى الأرض من دابة تدب على الأرض والمراد كل دابة قال الأخفش هو كقولك ما أتانى من رجل مثله وما أتانى من الرجال مثله وقد دخل فى عموم ما فى السموات وما فى الأرض جميع الأشياء الموجودة فيهما وإنما خص الدابة بالذكر لأنه قد علم من قوله ) أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء ( انقياد الجمادات وعطف الملائكة على ما قبلهم تشريفا لهم وتعظيما لدخولهم فى المعطوف عليه ) وهم لا يستكبرون ( أى والحال أنهم لا يستكبرون عن عبادة ربهم والمراد الملائكة ويحتمل أن تكون الجملة مستأنفة وفى هذا رد على قريش حيث زعموا أن الملائكة بنات الله ويجوز أن تكون حالا من فاعل يسجد وما عطف عليه أى يسجد لله ما فى السموات وما فى الأرض والملائكة وهم جميعا لا يستكبرون عن السجود
النحل :( ٥٠ ) يخافون ربهم من.....
) يخافون ربهم من فوقهم ( هذه الجملة فى محل نصب على الحال أى حال كونهم يخافون ربهم من فوقهم أو جملة مستأنفة لبيان نفى استكبارهم ومن آثار الخوف عدم الاستكبار ومن فوقهم متعلق بيخافون على حذف مضاف أى يخافون عذاب ربهم من فوقهم أو يكون حالا من الرب أى يخافون ربهم حال كونه من فوقهم وقيل معنى ) يخافون ربهم من فوقهم ( يخافون الملائكة فيكون على حذف المضاف أى يخافون ملائكة ربهم كائنين من فوقهم وهو تكلف لا حاجة إليه وإنما