"""""" صفحة رقم ١٨١ """"""
تفسير للمثل وبدل منه ووصفه بكونه مملوكا لأن العبد والحر مشتركان فى كون كل واحد منهما عبدا لله سبحانه ووصفه بكونه لا يقدر على شئ لأن المكاتب والمأذون يقدران على بعض التصرفات فهذا الوصف لتمييزه عنهما ) ومن رزقناه ( من هى الموصولة وهى معطوفة على عبدا أى والذى رزقناه ) منا ( أى من جهتنا ) رزقا حسنا ( من الأحرار الذين يملكون الأموال ويتصرفون بها كيف شاءوا والمراد بكون الرزق حسنا أنه مما يحسن فى عيون الناس لكونه رزقا كثيرا مشتملا على أشياء مستحسنة نفيسة تروق الناظرين إليها والفاء فى قوله ) فهو ينفق منه ( لترتيب الإنفاق على الرزق أى ينفق منه فى وجوه الخير ويصرف منه إلى أنواع البر والمعروف وانتصاب ) سرا وجهرا ( على الحال أى ينفق منه فى حال السر وحال الجهر والمراد بيان عموم الإنفاق للأوقات وتقديم السر على الجهر مشعر بفضيلته عليه وأن الثواب فيه أكثر وقيل أن من فى ومن رزقناه موصوفة كأنه قيل وحرا رزقناه ليطابق عبدا ) هل يستوون ( أى الحر والعبد الموصوفان بالصفات المتقدمة وجمع الضمير لمكان من لأنه اسم مبهم يستوى فيه الواحد والإثنان والجمع والمذكر والمؤنث وقيل إنه أريد بالعبد والموصول الذى هو عبارة عن الحر الجنس أى من اتصف بتلك الأوصاف من الجنسين والاستفهام للإنكار أى هل يستوى العبيد والأحرار الموصوفون بتلك الصفات مع كون كلا الفريقين مخلوقين لله سبحانه من جملة البشر ومن المعلوم أنهم لا يستوون عندهم فكيف يجعلون لله سبحانه شركاء لا يملكون لهم ضرا ولا نفعا ويجعلونهم مستحقين للعبادة مع الله سبحانه وحاصل المعنى أنه كما لا يستوى عندكم عبد مملوك لا يقدر من أمره على شئ ورجل حر قد رزقه الله رزقا حسنا فهو ينفق منه كذلك لا يستوى الرب الخالق الرازق والجمادات من الأصنام التى تعبدونها وهى لا تبصر ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع وقيل المراد بالعبد المملوك فى الآية هو الكافر المحروم من طاعة الله وعبوديته والآخر هو المؤمن والغرض أنهما لا يستويان فى الرتبة والشرف وقيل العبد هو الصنم والثانى عابد الصنم والمراد أنهما لا يستويان فى القدرة والتصرف لأن الأول جماد والثانى إنسان ) الحمد لله ( أى الحمد لله كله لأنه المنعم لا يستحق غيره من العباد شيئا منه فكيف تستحق الأصنام منه شيئا ولا نعمة منها أصلا لا بالأصالة ولا بالتوسط وقيل أراد الحمد لله على ما أنعم به على أوليائه من نعمة التوحيد وقيل أراد قل الحمد لله والخطاب إما لمحمد ( ﷺ ) أو لمن رزقه الله رزقا حسنا وقيل إنه لما ذكر مثلا مطابقا للغرض كاشفا عن المقصود قال الحمد لله أى على قوة هذه الحجة ) بل أكثرهم لا يعلمون ( ذلك حتى يعبدوا من تحق له العبادة ويعرفوا المنعم عليهم بالنعم الجليلة ونفى العلم عنهم إما لكونهم من الجهل بمنزلة لا يفهمون بسببها ما يجب عليهم أو هم يتركون الحق عنادا مع علمهم به فكانوا كمن لا علم له وخص الأكثر بنفى العلم إما لكونه يريد الخلق جميعا وأكثرهم المشركون أو ذكر الأكثر وهو يريد الكل أو المراد أكثر المشركين لأن فيهم من يعلم ولا يعمل بموجب العلم
النحل :( ٧٦ ) وضرب الله مثلا.....
ثم ذكر سبحانه مثلا ثانيا ضربه لنفسه ولما يفيض على عباده من النعم الدينية والدنيوية وللأصنام التى هى أموات لا تضر ولا تنفع فقال ) وضرب الله مثلا ( أى مثلا آخر أوضح مما قبله وأظهر منه و ) رجلين ( بدل من مثل وتفسير له والأبكم العيى المفحم وقيل هو الأقطع اللسان الذى لا يسحن الكلام وروى ثعلب عن ابن الأعرابى أنه الذى لا يسمع ولا يبصر ثم وصف الأبكم فقال ) لا يقدر على شيء ( من الأشياء المتعلقة بنفسه أو بغيره لعدم فهمه وعدم قدرته على النطق ومعنى ) كل على مولاه ( ثقيل على وليه وقرابته وعيال على من يلى أمره ويعوله ووبال على إخوانه وقد يسمى اليتيم كلا لثقله على من كلفه ومنه قول الشاعر


الصفحة التالية
Icon