"""""" صفحة رقم ١٨٨ """"""
وقيل العدل الفرض والإحسان النافلة وقيل العدل استواء العلانية والسريرة والإحسان أن تكون السريرة أفضل من العلانية وقيل العدل الإنصاف والإحسان التفضل فالأولى تفسير العدل بالمعنى اللغوى وهو التوسط بين طرفى الإفراط والتفريط فمعنى أمره سبحانه بالعدل أن يكون عباده فى الدين على حالة متوسطة ليست بمائلة إلى جانب الإفراط وهو الغلو المذموم فى الدين ولا إلى جانب التفريط وهو الإخلال بشئ مما هو من الدين وأما الإحسان فمعناه اللغوى يرشد إلى أنه التفضل بما لم يجب كصدقة التطوع ومن الإحسان فعل ما يثاب عليه العبد مما لم يوجبه الله عليه فى العبادات وغيرها وقد صح عن النبى ( ﷺ ) أنه فسر الإحسان بأن يعبد الله العبد حتى كأنه يراه فقال فى حديث ابن عمر الثابت فى الصحيحين والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذا هو معنى الإحسان شرعا ) وإيتاء ذي القربى ( أى إعطاء القرابة ما تدعو إليه حاجتهم وفى الآية إرشاد إلى صلة الأقارب وترغيب فى التصدق عليهم وهو من باب عطف الخاص على العام إن كان إعطاء الأقارب قد دخل تحت العدل والإحسان وقيل من باب عطف المندوب على الواجب ومثل هذه الآية قوله ) وآت ذا القربى حقه ( وإنما خص ذوى القربى لأنهم حقهم آكد فإن الرحم قد اشتق الله اسمها من اسمه وجعل صلتها من صلته وقطيعتها من قطيعته ) وينهى عن الفحشاء ( هى الخصلة المتزايدة فى القبح من قول أو فعل وقيل هى الزنا وقيل البخل ) والمنكر ( ما أنكره الشرع بالنهى عنه وهو يعم جميع المعاصى على اختلاف أنواعها وقيل هو الشرك و أما ) البغي ( هو الكبر وقيل الظلم وقيل الحقد وقيل التعدى وحقيقته تجاوز الحد فيشمل هذه المذكورة ويندرج بجميع أقسامه تحت المنكر وإنما خص بالذكر اهتماما به لشدة ضرر ووبال عاقبته وهو من الذنوب التى ترجع على فاعلها لقوله سبحانه ) إنما بغيكم على أنفسكم ( وهذه الآية هى من الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ثم ختم سبحانه هذه الآية بقوله ) يعظكم لعلكم تذكرون ( أى يعظكم بما ذكره فى هذه الآية مما أمركم به ونهاكم عنه فإنها كافية فى باب الوعظ والتذكير لعلكم تذكرون إرادة أن تتذكروا ما ينبغى تذكره فتتعظوا بما وعظكم الله به
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن قتادة فى قوله ) ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ( قال شهيدها نبيها على أنه قد بلغ رسالات ربه قال الله ) وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ( قال ذكر لنا أن نبى الله ( ﷺ ) كان إذا قرأ هذه الآية فاضت عيناه وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن مجاهد فى قوله ) فألقوا إليهم القول ( قال حدثوهم وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ) وألقوا إلى الله يومئذ السلم ( قال استسلموا وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن قتادة نحوه وأخرج عبد الرزاق والفريابى وسعيد بن منصور وابن ابى شيبة وهناد بن السرى وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وأبن أبى حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقى فى البعث والنشور عن ابن مسعود فى قوله ) زدناهم عذابا فوق العذاب ( قال زيدوا عقارب لها أنياب كالنخل الطوال وأخرج ابن مردويه والخطيب عن البراء أن النبى ( ﷺ ) سئل عن قول الله تعالى ) زدناهم عذابا فوق العذاب ( فقال عقارب أمثال النخل الطوال ينهشونهم فى جهنم وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله ) زدناهم عذابا فوق العذاب ( قال خمسة أنهار من نار صبها الله عليهم يعذبون ببعضها بالليل وببعضها بالنهار وقد روى ابن مردويه من حديث جابر عن النبى ( ﷺ ) قال الزيادة خمسة أنهار تجرى من تحت العرش على رءوس أهل النار ثلاثة أنهار على مقدار الليل ونهران على مقدار النهار فذلك قوله ) زدناهم عذابا فوق العذاب ( وأخرج ابن جرير


الصفحة التالية
Icon