"""""" صفحة رقم ١٩٣ """"""
سورة النحل الآية ( ١٠١ ١٠٥ )
النحل :( ٩٧ ) من عمل صالحا.....
هذا شروع فى ترغيب كل مؤمن فى كل عمل صالح وتعميم للوعد ومعنى ) من عمل صالحا ( من عمل عملا صالحا أى عمل كان وزيادة التمييز بذكر أو أنثى مع كون لفظ من شاملا لهما لقصد التأكيد والمبالغة فى تقرير الوعد وقيل إن لفظ من ظاهر فى الذكور فكان فى التنصيص على الذكر والأنثى بيان لشموله للنوعين وجملة ) وهو مؤمن ( فى محل نصب على الحال جعل سبحانه الإيمان قيدا فى الجزاء المذكور لأن عمل الكافر لا اعتداد به لقوله سبحانه ) وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ( ثم ذكر سبحانه الجزاء لمن عمل ذلك العمل الصالح فقال ) فلنحيينه حياة طيبة ( وقد وقع الخلاف فى الحياة الطيبة بماذا تكون فقيل بالرزق الحلال وروى ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء والضحاك وقيل بالقناعة قاله الحسن البصرى وزيد بن وهب ووهب بن منبه وروى أيضا عن على وابن عباس وقيل بالتوفيق إلى الطاعة قاله الضحاك وقيل الحياة الطيبة هى حياة الجنة روى عن مجاهد وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وحكى عن الحسن أنه قال لا تطيب الحياة لأحد إلا فى الجنة وقيل الحياة الطيبة هى السعادة روى ذلك عن ابن عباس وقيل هى المعرفة بالله حكى ذلك عن جعفر الصادق وقال أبو بكر الوراق هى حلاوة الطاعة وقال سهل بن عبد الله التسترى هى أن ينزع عن العبد تدبير نفسه ويرد تدبيره إلى الحق وقيل هى الإستغناء عن الخلق والإفتقار إلى الحق وأكثر المفسرين على أن هذه الحياة الطيبة هى فى الدنيا لا فى الآخرة لأن حياة الآخرة قد ذكرت بقوله ) ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ( وقد قدمنا قريبا تفسير الجزاء بالأحسن ووحد الضمير فى لنحيينه وجمعه فى ولنجزينهم حملا على لفظ من وعلى معناه
النحل :( ٩٨ ) فإذا قرأت القرآن.....
ثم لما ذكر سبحانه العمل الصالح والجزاء عليه أتبعه بذكر الإستعاذة التى تخلص بها الأعمال الصالحة عن الوساوس الشيطانية فقال ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( والفاء لترتيب الاستعاذة على العمل الصالح وقيل هذه الآية متصلة بقوله ) ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ( والتقدير فإذا أخذت فى قراءته فاستعذ قال الزجاج وغيره من أئمة اللغة معناه إذا أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ وليس معناه استعذ بعد أن تقرأ القرآن ومثله إذا أكلت فقل بسم الله قال الواحدى وهذا إجماع الفقهاء أن الإستعاذة قبل القراءة إلا ما روى عن أبى هريرة وابن سيرين وداود ومالك وحمزة من القراء فإنهم قالوا الإستعاذة بعد القراءة ذهبوا إلى ظاهر الآية ومعنى فاستعذ بالله اسأله سبحانه أن يعيذك من الشيطان الرجيم أى من وساوسه وتخصيص قراءة القرآن من بين الأعمال الصالحة بالإستعاذة عند إرادتها للتنبيه على أنها لسائر الأعمال الصالحة عند إرادتها أهم لأنه إذا وقع الأمر بها عند قراءة القرآن الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه


الصفحة التالية
Icon