"""""" صفحة رقم ٣١٨ """"""
جهته سبحانه غير داخل تحت قوله ) قل لو كان ( وفيه زيادة مبالغة وتأكيد والواو لعطف ما بعده على جملة مقدرة مدلول عليها بما قبلها أى لنفد البحر قبل أن تنفد كلماته لو لم يجئ بمثله مدادا ولو جئنا بمثله مدادا والمدد الزيادة وقيل عنى سبحانه بالكلمات الكلام القديم الذى لا غاية له ولا منتهى وهو وإن كان واحدا فيجوز أن يعبر عنه بلفظ الجمع لما فيه من الفوائد وقد عبرت العرب عن الفرد بلفظ الجمع قال الأعشى ووجه نقي اللون صاف يزينه
مع الجيد لبات لها ومعاصم
فعبر باللبات عن اللبة قال الجبائي إن قوله ) قبل أن تنفد كلمات ربي ( يدل على أن كلماته قد تنفد فى الجملة وما ثبت عدمه امتنع قدمه وأجيب بأن المراد الألفاظ الدالة على متعلقات تلك الصفة الأزلية وقيل فى الجواب إن نفاد شئ قبل نفاد شئ آخر لا يدل على نفاد الشئ الآخر ولا على عدم نفاده فلا يستفاد من الآية إلا كثرة كلمات الله بحيث لا تضبطها عقول البشر أما أنها متناهية أو غير متناهية فلا دليل على ذلك فى الآية والحق أن كلمات الله تابعة لمعلوماته وهى غير متناهية فالكلمات غير متناهية وقرأ مجاهد وابن محيصن وحميد ) ولو جئنا بمثله مددا ( وهو كذلك فى مصحف أبى وقرأ الباقون مددا وقرأ حمزة والكسائي قبل أن ينفد بالتحتية وقرأ الباقون بالفوقية
الكهف :( ١١٠ ) قل إنما أنا.....
ثم أمر سبحانه نبيه ( ﷺ ) أن يسلك مسلك التواضع فقال ) قل إنما أنا بشر مثلكم ( أى إن حالي مقصور على البشرية لا يتخطاها إلى الملكية ومن كان هكذا فهو لا يدعى الإحاطة بكلمات الله إلا أنه امتاز عنهم بالوحى إليه من الله سبحانه قال ) يوحى إلي ( وكفى بهذا الوصف فارقا بينه وبين سائر أنواع البشر ثم بين أن الذى أوحى إليه هو قوله ) أنما إلهكم إله واحد ( لا شريك له فى ألوهيته وفى هذا إرشاد إلى التوحيد ثم أمرهم بالعمل الصالح والتوحيد فقال ) فمن كان يرجو لقاء ربه ( الرجاء توقع وصول الخير فى المستقبل والمعنى من كان له هذا الرجاء الذى هو شأن المؤمنين ) فليعمل عملا صالحا ( وهو ما دل الشرع على أنه عمل خير يثاب عليه فاعله ) ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ( من خلقه سواء كان صالحا أو طالحا حيوانا أو جمادا قال الماوردي قال جميع أهل التأويل فى تفسير هذه الآية إن المعنى لا يرائي بعمله أحدا وأقول إن دخول الشرك الجلى الذى كان يفعله المشركون تحت هذه الآية هو المقدم على دخول الشرك الخفى الذى هو الرياء ولا مانع من دخول هذا الخفى تحتها إنما المانع من كونه هو المراد بهذه الآية
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم عن مجاهد فى قوله ) لكلمات ربي ( يقول علم ربى وأخرج ابن أبى حاتم عن قتادة فى الآية قال يقول ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام الله وحكمته وأخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم وابن مردويه والبيهقى فى الشعب عن ابن عباس فى قوله ) فمن كان يرجو لقاء ربه ( الآية قال أنزلت فى المشركين الذين عبدوا مع الله إلها غيره وليست هذه فى المؤمنين وأخرج الحاكم وصححه والبيهقى عن ابن عباس قال قال رجل يا نبى الله إنى أقف المواقف أبتغى وجه الله وأحب ان يرى موطنى فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية ) ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ( وأخرج ابن منده وأبو نعيم فى الصحابة وابن عساكر من طريق السدى الصغير عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس قال كان جندب بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح له فزاد فى ذلك لقالة الناس فلا يريد به الله فنزل فى ذلك ) فمن كان يرجو لقاء ربه ( الآية وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال قال رجل يا رسول الله أعتق وأحب أن يرى وأتصدق وأحب أن يرى فنزلت ) فمن كان يرجو لقاء ربه ( الآية وهو مرسل وأخرجه هناد فى الزهد عنه أيضا وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وابن ماجه والبيهقى فى الشعب عن أبى سعيد بن أبى فضالة الأنصارى وكان من الصحابة


الصفحة التالية
Icon