"""""" صفحة رقم ٣٦٨ """"""
سورة طه الآية ( ٥٨ ٥٩ )
طه :( ٤٥ ) قالا ربنا إننا.....
قرأ الجمهور أن يفرط بفتح الياء وضم الراء ومعنى ذلك أننا نخاف أن يعجل ويبادر بعقوبتنا يقال فرط منه أمر أى بدر ومنه الفارط وهو الذى يتقدم القوم إلى الماء أى يعذبنا عذاب الفارط فى الذنب وهو المتقدم فيه كذا قال المبرد وقال أيضا فرط منه امر وأفرط أسرف وفرط ترك وقرأ ابن محيصن ) يفرط ( بضم الياء وفتح الراء أى يحمله حامل على التسرع إلينا وقرأت طائفة بضم الياء وكسر الراء ومنهم ابن عباس ومجاهد وعكرمة من الإفراط أى يشتط فى أذيتنا قال الراجز قد أفرط العلج علينا وعجل
ومعنى ) أو أن يطغى ( قد تقدم قريبا
طه :( ٤٦ ) قال لا تخافا.....
وجملة ) قال لا تخافا ( مستأنفة جواب سؤال مقدر نهى لهما عن الخوف الذى حصل معهما من فرعون ثم علل ذلك بقوله ) إنني معكما ( أى بالنصر لهما والمعونة على فرعون ومعنى ) أسمع وأرى ( إدراك ما يجري بينهما وبينه بحيث لا يخفى عليه سبحانه منه خافية وليس بغافل عنهما
طه :( ٤٧ ) فأتياه فقولا إنا.....
ثم أمرهما بإتيانه الذى هو عبارة عن الوصول إليه بعد أمرهما بالذهاب إليه فلا تكرار ) فقولا إنا رسولا ربك ( أرسلنا إليك ) فأرسل معنا بني إسرائيل ( أى خل عنهم وأطلقهم من الأسر ) ولا تعذبهم ( بالبقاء على ما كانوا عليه وقد كانوا عند فرعون فى عذاب شديد يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ويكلفهم من العمل ما لا يطيقونه ثم أمرهما سبحانه أن يقولا لفرعون ) قد جئناك بآية من ربك ( قيل هى العصا واليد وقيل إن فرعون قال لهما وما هى فأدخل موسى يده فى جيب قميصه ثم أخرجها لها شعاع كشعاع الشمس فعجب فرعون من ذلك ولم يره موسى العصا إلا يوم الزينة ) والسلام على من اتبع الهدى ( أى السلامة قال الزجاج أى من اتبع الهدى سلم من سخط الله عز وجل ومن عذابه وليس بتحية قال والدليل على ذلك أنه ليس بابتداء لقاء ولا خطاب قال الفراء السلام على من اتبع الهدى ولمن اتبع الهدى سواء
طه :( ٤٨ ) إنا قد أوحي.....
) إنا قد أوحي إلينا ( من جهة الله سبحانه ) أن العذاب على من كذب وتولى ( المراد بالعذاب الهلاك والدمار فى الدنيا والخلود فى النار والمراد بالتكذيب التكذيب بآيات الله وبرسله والتولي الإعراض عن قبولها والإيمان بها
طه :( ٤٩ ) قال فمن ربكما.....
) قال فمن ربكما يا موسى ( أى قال فرعون لهما فمن ربكما فأضاف الرب إليهما ولم يضفه إلى نفسه لعدم تصديقه لهما ولجحده للربوبية وخص موسى بالنداء لكونه الأصل فى الرسالة وقيل لمطابقة رؤوس الآى
طه :( ٥٠ ) قال ربنا الذي.....
) قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ( أى قال موسى مجيبا له وربنا مبتدأ وخبره ) الذي أعطى كل شيء خلقه ( ويجوز أن يكون ربنا خبر مبتدأ محذوف وما بعده صفته قرأ الجمهور ) خلقه ( بسكون اللام وروى زائدة عن الأعمش أنه قرأ خلقه بفتح اللام على أنه فعل وهى قراءة ابن أبي إسحاق ورواها نصير عن الكسائي فعلى القراءة الأولى يكون خلقه ثاني مفعولي أعطى والمعنى أعطى كل شيء صورته وشكله الذى يطابق المنفعة المنوطة به المطابقة له كاليد للبطش والرجل للمشي واللسان للنطق والعين للنظر والأذن للسمع كذا قال الضحاك وغيره وقال الحسن وقتادة أعطى كل شيء صلاحه وهداه لما يصلحه وقال مجاهد المعنى لم يخلق خلق الإنسان فى خلق البهائم ولا خلق البهائم فى خلق الإنسان ولكن خلق كل شيء فقدره تقديرا ومنه قول الشاعر
وله فى كل شيء خلقه وكذاك الله ما شاء فعل


الصفحة التالية
Icon