"""""" صفحة رقم ٣٦٩ """"""
وقال الفراء المعنى خلق للرجل المرأة ولكل ذكر ما يوافقه من الإناث ويجوز أن يكون خلقه على القراءة الأولى هو المفعول الأول لأعطى أى أعطى خلقه كل شئ يحتاجون إليه ويرتفقون به ومعنى ) ثم هدى ( أنه سبحانه هداهم إلى طرق الإنتفاع بما أعطاهم فانتفعوا بكل شئ فيما خلق له وأما على القراءة الآخرة فيكون الفعل صفة للمضاف أو للمضاف إليه أى أعطى كل شئ خلقه الله سبحانه ولم يخله من عطائه وعلى هذه القراءة يكون المفعول الثانى محذوفا أى أعطى كل شئ خلقه ما يحتاج إليه فيوافق معناها معنى القراءة الأولى
طه :( ٥١ ) قال فما بال.....
) قال فما بال القرون الأولى ( لما سمع فرعون ما احتج به موسى فى ضمن هذا الكلام على إثبات الربوبية كما لا يخفي من أن الخلق والهداية ثابتان بلا خلاف ولا بد لهما من خالق وهاد وذلك الخالق والهادي هو الله سبحانه لا رب غيره قال فرعون فما بال القرون الأولى فإنها لم تقر بالرب الذى تدعو إليه يا موسى بل عبدت الأوثان ونحوها من المخلوقات ومعنى البال الحال والشان أى ما حالهم وما شأنهم وقيل إن سؤال فرعون عن القرون الأولى مغالطة لموسى لما خاف أن يظهر لقومه أنه قد قهره بالحجة أى ما حال القرون الماضية وماذا جرى عليهم من الحوادث
طه :( ٥٢ ) قال علمها عند.....
فأجابه موسى ف ) قال علمها عند ربي ( أى إن هذا الذى سألت عنه ليس مما نحن بصدده بل هو من علم الغيب الذى استأثر الله به لا تعلمه أنت ولا أنا وعلى التفسير الأول يكون معنى ) علمها عند ربي ( أن علم هؤلاء الذين عبدوا الأوثان ونحوها محفوظ عند الله فى كتابه سيجازيهم عليها ومعنى كونها فى كتاب أنها مثبتة فى اللوح المحفوظ قال الزجاج المعنى أن أعمالهم محفوظة عند الله يجازي بها والتقدير علم أعمالها عند ربي فى كتاب
وقد اختلف فى معنى ) لا يضل ربي ولا ينسى ( على أقوال الأول أنه ابتداء كلام تنزيه لله تعالى عن هاتين الصفتين وقد تم الكلام عند قوله فى كتاب كذا قال الزجاج قال ومعنى ) لا يضل ( لا يهلك من قوله أئذا ضللنا فى الأرض ) ولا ينسى ( شيئا من الأشياء فقد نزهه عن الهلاك والنسيان القول الثاني أم معنى ) لا يضل ( لا يخطئ القول الثالث أن معناه لا يغيب قال ابن الأعرابي أصل الضلال الغيبوبة القول الرابع أن المعنى لا يحتاج إلى كتاب ولا يضل عنه علم شئ من الأشياء ولا ينسى ما علمه منها حكى هذا عن الزجاج أيضا قال النحاس وهو أشبهها بالمعنى ولا يخفى أنه كقول ابن الأعرابي القول الخامس أن هاتين الجملتين صفة لكتاب والمعنى ان الكتاب غير ذاهب عن الله ولا هو ناس له
طه :( ٥٣ ) الذي جعل لكم.....
) الذي جعل لكم الأرض مهدا ( الموصول فى محل رفع على أنه صفة لربي متضمنة لزيادة البيان ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أو فى محل نصب على المدح قرأ الكوفيون ) مهدا ( على أنه مصدر لفعل مقدر أى مهدها مهدا أو على تقدير مضاف محذوف أى ذات مهد وهو اسم لما يمهد كالفراش لما يفرش وقرأ الباقون ) مهادا ( واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم قالا لاتفاقهم على قراءة ) ألم نجعل الأرض مهادا ( قال النحاس والجمع أولى من المصدر لأن هذا الموضع ليس موضع المصدر إلا على حذف المضاف قيل يجوز أن يكون مهادا مفردا كالفراش ويجوز أن يكون جمعا ومعنى المهاد الفراش فالمهاد جمع المهد أى جعل كل موضع منها مهدا لكل واحد منكم ) وسلك لكم فيها سبلا ( السلك إدخال الشئ فى الشئ والمعنى أدخل فى الأرض لأجلكم طرقا تسلكونها وسهلها لكم وفى الآية الأخرى ) الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون ( ثم قال سبحانه ممتنا على عباده ) وأنزل من السماء ماء ( هو ماء المطر قيل إلى هنا انتهى كلام موسى وما بعده هو ) فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ( من كلام الله سبحانه وقيل هو من الكلام المحكى عن موسى معطوف على أنزل وإنما التفت إلى التكلم للتنبيه على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة ونوقش بأن هذا الخلاف الظاهر مع استلزامه فوت الالتفات لعدم


الصفحة التالية
Icon